الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{يُنَزِّلُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةَ بِٱلرُّوحِ مِنۡ أَمۡرِهِۦ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦٓ أَنۡ أَنذِرُوٓاْ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱتَّقُونِ} (2)

واختلف المتأوِّلون في قوله تعالى : { يُنَزِّلُ الملائكة بالروح } [ النحل :2 ] ، فقال مجاهدٌ : الرُّوحُ : النبوَّءة ، وقال ابن عباس : الرُّوحُ الوحْيُ ، وقال قتادة : بالرحمةِ والوحْي ، وقال الربيع بنُ أنَسٍ : كلُّ كلام اللَّه رُوحٌ ، ومنه قوله تعالى : { أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا } [ الشورى : 52 ] ، وقال الزَّجَّاج : الرُّوح : ما تَحْيَا به القلوبُ من هداية اللَّهِ عزَّ وجلَّ ، وهذا قولٌ حَسَنٌ ، قال الداوديُّ ، عن ابن عباس قال : الرُّوح : خَلْقٌ من خَلْق اللَّه ، وأمْرٌ من أمر اللَّه عَلى صُوَرِ بني آدم ، وما يَنْزِلُ من السماءِ مَلَكٌ إِلا ومعه رُوحٌ كالحفيظ عليه ، لا يتكلَّم ولا يراه مَلَك ، ولا شيءٌ مما خَلَقَ اللَّه ، وعن مجاهدٍ : الرُّوح : خَلْق من خَلْق اللَّه ، لهم أيدٍ وأرجلٌ ، انتهى واللَّه أعلم بحقيقةِ ذلك ، وهذا أمرٌ لا يقَالُ بالرأْيِ ، فإِن صحَّ فيه شيء عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَجَبَ الوقوفُ عنْده ، انتهى . و«مَنْ » في قوله : { مَن يَشَاءُ } [ النحل :2 ] هي للأنبياء .