بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{يُنَزِّلُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةَ بِٱلرُّوحِ مِنۡ أَمۡرِهِۦ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦٓ أَنۡ أَنذِرُوٓاْ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱتَّقُونِ} (2)

ثم قال : { يُنَزّلُ الملائكة } أي : جبريل { بالروح } أي : بالوحي والنبوة والقرآن { مِنْ أَمْرِهِ } أي : بأمره . قال القتبي : { مِنْ } توضع موضع الباء كقوله : { لَهُ معقبات مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ الله إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حتى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَآ أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سواءا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ } [ الرعد : 11 ] أي : بأمر الله . وقال ههنا : يلقي الروح { مِنْ أَمْرِهِ } أي : بأمره { على مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ } أي : يختار للنبوة والرسالة . وقال قتادة : ينزل الملائكة بالرحمة ، والوحي { على مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ } يعني : من كان أهلاً لذلك . قرأ ابن كثير وأبو عمرو { يُنَزّلٍ } بجزم النون من قولك أنْزَلَ يُنْزِلُ ، وقرأ عاصم في رواية أبي بكر { تُنَزَّلَ } بالتاء ، ونصب النون ، والزاي مع التشديد ، على معنى فعل ما لم يسم فاعله . وقرأ الباقون { يُنَزّلٍ } بالياء ، وكسر الزاي مع التشديد ، من قولك : نَزَّلَ يُنَزِّلُ .

ثم قال تعالى : { أَنْ أَنْذِرُواْ أَنَّهُ } أي : خوفوا بالقرآن الكفار ، وأعلموهم أن الله واحد لا شريك له . فذلك قوله : { لا إله إِلا أَنَاْ فاتقون } أي : أطيعون ، ووحدون .