الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{يُنَزِّلُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةَ بِٱلرُّوحِ مِنۡ أَمۡرِهِۦ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦٓ أَنۡ أَنذِرُوٓاْ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱتَّقُونِ} (2)

ثم قال تعالى : { ينزل الملائكة بالروح من أمره } [ 2 ] . أي : ينزل الملائكة بالوحي من أمره { على من يشاء من عباده } [ 2 ] أي : عليه السلام على المرسلين بأن ينذروا العباد بأن لا إله إلا أنا{[38498]} .

وقيل : " من " بمعنى الباء{[38499]} . أي : بالروح [ بأمره{[38500]} ] ، أي بالوحي بأمره . فالباء{[38501]} متعلقة بينزل .

وقال قتادة : المعنى ينزل الملائكة بالرحمة والوحي من أمره على من اختار من خلقه لرسالته لينذر الناس . لينذر [ ب{[38502]} ]أن لا إله إلا الله فاعبدوه{[38503]} .

وقال الربيع بن أنس : كل شيء تكلم به ربنا فهو روح منه ، ومنه قوله : { وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا }{[38504]} .

وعن ابن عباس ، أيضا ، أنه قال : الروح خلق من خلق الله ، وأمر من أمره صوره على صورة آدم{[38505]} لا ينزل من السماء ملك{[38506]} إلا معه واحد منهم{[38507]} . وقال الحسن : { بالروح } : بالنبوة{[38508]} .

وقال الزجاج : الروح ما كان فيه من أمر الله حياة للقلوب ، بالإرشاد{[38509]} ، إلى أمر الله [ عز وجل{[38510]} ]{[38511]} .

{ فاتقون } [ 2 ] .

أي : فأطيعوا أمري ، واجتنبوا معصيتي .

ووقع الإنذار في هذا الموضع في غير موضعه . وأصله أن يقع تنبيها وتحذيرا مما يخاف منه . وضده البشرى . وليس لا إله إلا الله مما يخاف منه ويحذر{[38512]} . ولكن في الكلام معنى النهي عما{[38513]} كانوا عليه من عبادة غير الله [ سبحانه{[38514]} ] ، فحسن الاتيان به مع ما لا يخاف منه ، ولا يحذر{[38515]} . ودل على{[38516]} ذلك قوله : { فاتقوا } [ 2 ] وقوله بعد ذلك : { عما{[38517]} يشركون } [ 3 ]{[38518]} .


[38498]:انظر في: هذا المعنى في غريب القرآن 241.
[38499]:ط: الياء.
[38500]:ط: فالياء.
[38501]:ساقط من ق.
[38502]:ساقط من ط
[38503]:الشورى: 49. وانظر: قول قتادة في: جامع البيان 14/77 والمحرر 10/159.
[38504]:انظر: قول الربيع في: جامع البيان 14/77 والمحرر 10//159.
[38505]:ط: على صور بني آدم.
[38506]:ق: ملكا.
[38507]:وهو قول ابن جريج أيضا، انظر المحرر 10/159، وفيه أنه ضعيف.
[38508]:وهو قول مجاهد، انظر: جامع البيان 14/77 والمحرر /159.
[38509]:ق: الإرشاد.
[38510]:ساقط من ق.
[38511]:انظر: معاني الزجاج 3/190.
[38512]:ق: تحذر.
[38513]:ق: عن ما.
[38514]:ساقط من ق.
[38515]:ق: لا نذر.
[38516]:ق : عليه.
[38517]:ق : مما.
[38518]:انظر: نحو هذا في الجامع 10/45 وتفسير ابن كثير 2/870 والتحرير 14/100.