الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَلَا تَقۡتُلُواْ ٱلنَّفۡسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلۡحَقِّۗ وَمَن قُتِلَ مَظۡلُومٗا فَقَدۡ جَعَلۡنَا لِوَلِيِّهِۦ سُلۡطَٰنٗا فَلَا يُسۡرِف فِّي ٱلۡقَتۡلِۖ إِنَّهُۥ كَانَ مَنصُورٗا} (33)

والحق الذي تُقْتَلُ به النفس : قد فسَّره النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : ( لاَ يُحِلُّ دَمَ المُسْلِمِ إلاَّ إحْدَى ثَلاَثِ خِصَالٍ : كُفْرُ بَعْدَ إِيمَانٍ ، أو زناً بَعْدَ إِحْصَانٍ ، أوْ قَتْلُ نَفْسٍ ) أي : وما في هذا المعنى مِنْ حرابةٍ أو زندقةً ونحو ذلك .

{ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا } [ الإسراء : 33 ] .

أي : بغير الوجوه المذكورة { فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سلطانا } ولا مدخل للنساء في ولاية الدَّمِ عند جماعة من العلماءِ ، ولهنَّ ذلك عند آخرين ، «والسلطان » : الحجة والملك الذي جُعِلَ إِليه من التخيير في قبول الدية أو العفو قاله ابن عبَّاس . قال البخاريُّ : قال ابن عباس : كلُّ سلطانٍ في القرآن فهو حُجَّة . انتهى ، وقال قتادةُ : «السلطان » القود .

وقوله سبحانه : { فَلاَ يُسْرِف فِّي القتل } المعنى : فلا يَتَعَدَّ الوليُّ أمْرَ اللَّه بأنْ يقتل غير قاتِلِ وليِّه ، أو يقتل اثنين بواحدٍ إلى غير ذلك من وجوه التعدِّي ، وقرأ حمزة والكسائيُّ ، وابن عامر : «فَلاَ تُسْرِفْ » بالتاء من فوق ، قال الطبري : على معنى الخطاب للنبيِّ صلى الله عليه وسلم والأئمة بعده .

قال ( ع ) : ويصحَّ أنْ يراد به الوليُّ ، أي : فلا تسرفْ أيُّها الولي ، والضميرُ في «إِنه » عائدٌ على «الوليِّ » ، وقيل : على المقتول ، وفي قراءة أبي بن كعب : «فَلاَ تُسْرُفوا في القِتَال إِنَّ وليَّ المَقْتُول كانَ مَنْصُوراً » ، وباقي الآية تقدَّم بيانه ،