الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَإِذِ ٱعۡتَزَلۡتُمُوهُمۡ وَمَا يَعۡبُدُونَ إِلَّا ٱللَّهَ فَأۡوُۥٓاْ إِلَى ٱلۡكَهۡفِ يَنشُرۡ لَكُمۡ رَبُّكُم مِّن رَّحۡمَتِهِۦ وَيُهَيِّئۡ لَكُم مِّنۡ أَمۡرِكُم مِّرۡفَقٗا} (16)

وقولهم : { وَإِذِ اعتزلتموهم } [ الكهف : 16 ] المعنى قال بعضهم لبعضٍ ، وبهذا يترجَّح أن قوله تعالى : { إِذْ قَامُوا فَقَالُوا } [ الكهف : 14 ] إنما المراد به إِذ عزموا ونَفَذُوا لأمْرهم ، وفي مصحف ابن مسعود : ( ومَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّه ) ، ومضمَّن هذه الآية الكريمة أن بعضهم قال لبعض : إِذ قد فارَقْنَا الكفَّار ، وانفردْنا باللَّه تعالى ، فلنجعل الكَهْفَ مأوًى ، ونَّتكل على اللَّهِ تعالى ، فإنه سيبسُطُ علينا رحمته ، وينشرها علينا ويهيِّىءُ لنا من أمرنا مرفقاً ، وهذا كله دعاءٌ بحَسَب الدنيا ، وهم على ثِقَة من اللَّه في أمر آخرتهم ، وقرأ نافع وغيره : «مَرْفِقاً » بفتح الميم وكسر الفاء ، وقرأ حمزة وغيره بكسر الميم وفتح الفاء ، ويقالان معاً في الأمر ، وفي الجارحة ، حكاه الزَّجَّاج .