الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{۞لَتُبۡلَوُنَّ فِيٓ أَمۡوَٰلِكُمۡ وَأَنفُسِكُمۡ وَلَتَسۡمَعُنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشۡرَكُوٓاْ أَذٗى كَثِيرٗاۚ وَإِن تَصۡبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ} (186)

قوله تعالى : { لَتُبْلَوُنَّ فِي أموالكم وَأَنفُسِكُمْ . . . } [ آل عمران :186 ]

خطابٌ للنبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وأمته ، والمعنى : لتختبرنَّ ولتمتحننَّ في أموالكم بالمَصَائب والأَرْزَاء ، وبالإنفاقِ في سَبِيلِ اللَّهِ ، وفي سَائِرِ تَكَاليفِ الشَّرْع ، والابتلاء في الأنفس بالمَوْتِ ، والأمراضِ ، وفَقْدِ الأحبَّة ، قال الفَخْر : قال الواحديُّ : اللام في { لَتُبْلَوُنَّ } : لامُ قسمٍ ، انتهى .

وقوله : { وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الذين أُوتُواْ الكتاب . . . } الآية ، قال عِكْرِمَةُ وغَيْره : السبَبُ في نزولها أقوالُ فِنْحَاص ، وقال الزُّهْريُّ وغيره : نزلَتْ بسبب كَعْب بن الأشْرفِ ، حتى بعث إلَيْه رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم مَنْ قتله ، والأذَى : اسمٌ جامعٌ في معنى الضَّرَر ، وهو هنا يشملُ أقوالهم فيما يَخُصُّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه مِنْ سبٍّ ، وأقوالهم في جِهَة اللَّه سبحانه وأنبيائه ، وندَبَ سبحانه إلى الصبْرِ والتقوى ، وأخبر أنه { مِنْ عَزْم الأمور } أي : مِنْ أشدِّها وأحسنها ، والعَزْمُ : إمضاءُ الأَمْر المُرَوَّى المُنَقَّح ، وليس رُكُوبُ الرأْي دون رَوِيَّةٍ عَزْماً .