فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{۞لَتُبۡلَوُنَّ فِيٓ أَمۡوَٰلِكُمۡ وَأَنفُسِكُمۡ وَلَتَسۡمَعُنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشۡرَكُوٓاْ أَذٗى كَثِيرٗاۚ وَإِن تَصۡبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ} (186)

قوله : { لَتُبْلَوُنَّ فِي أموالكم وَأَنفُسِكُمْ } هذا الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، وأمته تسلية لهم عما سيلقونه من الكفرة ، والفسقة ؛ ليوطنوا أنفسهم على الثبات ، والصبر على المكاره . والابتلاء : الامتحان ، والاختبار ، والمعنى : لتمتحننّ ، ولتختبرنّ في أموالكم بالمصائب ، والإنفاقات الواجبة ، وسائر التكاليف الشرعية المتعلقة بالأموال . والابتلاء في الأنفس بالموت ، والأمراض ، وفقد الأحباب ، والقتل في سبيل الله . وهذه الجملة جواب قسم محذوف دلت عليه اللام الموطئة { وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الذين أُوتُوا الكتاب مِن قَبْلِكُمْ } وهم : اليهود والنصارى . { وَمِنَ الذين أَشْرَكُواْ } وهم سائر الطوائف الكفرية من غير أهل الكتاب : { أَذًى كَثِيراً } من الطعن في دينكم ، وأعراضكم ، والإشارة بقوله : { فَإِنَّ ذلك } إلى الصبر ، والتقوى المدلول عليهما بالفعلين . وعزم الأمور : معزوماتها ، أي : مما يجب عليكم أن تعزموا عليه لكونه عزمة من عزمات الله التي أوجب عليهم القيام بها ، يقال عزم الأمر ، أي : شدّه ، وأصلحه .

/خ188