قوله تعالى{ لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وغن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور }
قال الشيخ الشنقيطي : ذكر في هذه الآية الكريمة ان المؤمنين سيبتلون في أموالهم وأنفسهم ، وسيسمعون الأذى الكثير من اهل الكتاب والمشركين ، وأنهم عن صبروا على ذلك البلاء والأذى واتقوا الله ، فإن صبرهم وتقاهم من عزم الأمور ، أي : من الأمور التي ينبغي العزم والتصميم عليها لوجوبها . وقد بين في موضع آخر ان من جملة هذا البلاء : الخوف والجوع وان البلاء في النفس والأموال هو النقص فيها ، وأوضح فيه نتيجة الصبر المشار إليها هنا بقوله{ فإن ذلك من عزم الأمور }وذلك الموضع هو قوله تعالى : { ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والنفس والثمرات وبشر الصابرين . الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا غنا لله وغنا إليه راجعون . أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون } .
قال البخاري : حدثنا ابو اليمان اخبرنا شعيب عن الزهري قال اخبرني عروة ابن الزبير ان أسامة بن زيد رضي الله عنهما اخبره : ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب على حمار على قطيفة فدكية ، وأردف أسامة بن زيد وراءه ، يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج قبل وقعة بدر ، قال : حتى مر بمجلس فيه عبد الله بن أبي ابن سلول ، وذلك قبل ان يسلم عبد الله بن أبي ، فإذا في المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود والمسلمين ، وفي المجلس عبد الله بن رواحه ، فلما غشيت المجلس عجاجه الدابة خمر عبد الله بن أبي انفه بردائه ثم قال : " لا تغبروا علينا ، فسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم ثم وقف فنزل ، فدعاهم إلى الله وقرأ عليهم القرآن ، فقال عبد الله بن أبي ابن سلول : أيها المرء ، إنه لا أحسن مما تقول عن كان حقا فلا تؤذينا به في مجلسنا ، ارجع إلى رحلك فمن جاءك فاقصص عليه . فقال عبد الله بن رواحه : بلى يا رسول الله ، فاغشنا به في مجالسنا ، فإنا نحب ذلك . فاستب المسلمون والمشركون واليهود حتى كادوا يتثاورون ، فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكنوا . ثم ركب النبي صلى الله عليه وسلم دابته فسار حتى دخل على سعد بن عبادة ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : يا سعد الم تسمع ما قال أبو حباب-يريد عبد الله بن أبي-قال كذا وكذا . قال سعد بن عبادة : يا رسول الله أعف عنه واصفح عنه ، فوالذي أنزل عليك الكتاب ، لقد جاء الله بالحق الذي انزل عليك ولقد اصطلح اهل هذه البحيرة على أن يتوجوه فيعصبون بالعصابة ، فلما أبى الله ذلك بالحق الذي أعطاك الله شرق بذلك ، فذلك فعل به ما رأيت . فعفا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم . وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب كما أمرهم الله ، ويصطبرون على الأذى ، قال الله عز وجل : { ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا }الآية . وقال الله : { ود كثير من اهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم }إلى آخر الآية . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتأول العفو ما امره الله به ، حتى أذن الله فيهم ، فلما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا فقتل الله به صناديد كفار قريش قال ابن أبي ابن سلول ومن معه من المشركين وعبدة الأوثان : هذا امر قد توجه ، فبايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم على الإسلام ، فأسلموا " .
( الصحيح8/78-79 ح4566-ك التفسير- سورة آل عمران ، قوله تعالى : { ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب } ) . توجه : أقبل( القاموس مادة : و ج ه ) .
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، ثنا عبد الرحمن بن صالح ومحمد بن عبد الله بن نمير قالا : ثنا يوسف يعنيان ابن بكير ، ثنا ابن إسحاق ، فحدثني محمد ابن ابي محمد . عن عكرمة انه حدثه ، عن ابن عباس قال : نزل في أبي بكر وما بلغه في ذلك من الغضب : { ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.