فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَأَنذِرِ ٱلنَّاسَ يَوۡمَ يَأۡتِيهِمُ ٱلۡعَذَابُ فَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ رَبَّنَآ أَخِّرۡنَآ إِلَىٰٓ أَجَلٖ قَرِيبٖ نُّجِبۡ دَعۡوَتَكَ وَنَتَّبِعِ ٱلرُّسُلَۗ أَوَلَمۡ تَكُونُوٓاْ أَقۡسَمۡتُم مِّن قَبۡلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٖ} (44)

{ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ العذاب } مفعول ثان لأنذر وهو يوم القيامة . ومعنى { أَخّرْنَا إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ } ردّنا إلى الدنيا وأمهلنا إلى أمد وحدّ من الزمان قريب ، نتدارك ما فرطنا فيه من إجابة دعوتك واتباع رسلك . أو أريد باليوم : يوم هلاكهم بالعذاب العاجل ، أو يوم موتهم معذبين بشدّة السكرات ولقاء الملائكة بلا بشرى ، وأنهم يسألون يومئذ أن يؤخرهم ربهم إلى أجل قريب ، كقوله : { لَوْلا أَخَّرْتَنِى إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ } [ المنافقون : 10 ] { أَوَ لَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُمْ } على إرادة القول ، وفيه وجهان : أن يقولوا ذلك بطرا وأشراً ، ولما استولى عليهم من عادة الجهل والسفه ، وأن يقولوه بلسان الحال حيث بنووا شديداً وأمّلوا بعيداً و { مَا لَكُمْ } جواب القسم ، وإنما جاء بلفظ الخطاب لقوله { أَقْسَمْتُمْ } ولو حكى لفظ المقسمين لقيل : ما لنا { مّن زَوَالٍ } والمعنى أقسمتم أنكم باقون في الدنيا لا تزالون بالموت والفناء ، وقيل : لا تنتقلون إلى دار أخرى يعني كفرهم بالبعث ، كقوله : { وَأَقْسَمُواْ بالله جَهْدَ أيمانهم لاَ يَبْعَثُ الله مَن يَمُوتُ } [ النحل : 38 ] .