نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَأَنذِرِ ٱلنَّاسَ يَوۡمَ يَأۡتِيهِمُ ٱلۡعَذَابُ فَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ رَبَّنَآ أَخِّرۡنَآ إِلَىٰٓ أَجَلٖ قَرِيبٖ نُّجِبۡ دَعۡوَتَكَ وَنَتَّبِعِ ٱلرُّسُلَۗ أَوَلَمۡ تَكُونُوٓاْ أَقۡسَمۡتُم مِّن قَبۡلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٖ} (44)

فأنذرهم أهوال{[45258]} ذلك اليوم فإنه{[45259]} لا يبقى معهم فيه شيء مما هم فيه من الإباء و{[45260]} الاستكبار { وأنذر } أي يا محمد { الناس } جميعاً ، ما يحل بهم { يوم يأتيهم العذاب } وينكشف عنهم الغطاء بالموت{[45261]} أو البعث{[45262]} .

ولما كانوا{[45263]} عند{[45264]} إتيان العذاب قبل الموت لا ينكسرون بالكلية ، بين{[45265]} أنهم إذ ذاك على غير هذا ، فقال عاطفاً على " يأتيهم " : { فيقول الذين ظلموا } أي أوجدوا هذا الوصف ولو على أدنى الوجوه منهم{[45266]} ومن غيرهم بسبب إتيانه من غير تمهل ، وقد زال عنهم ما يفتخرون به من الأنفة والحمية والشماخة والكبر لما رأوا من الأهوال التي لا قبل لهم بها ولا صبر عليها : { ربنا } أي أيها المحسن إلينا بالخلق والرزق والتربية { أخرنا } أي أمهلنا { إلى أجل قريب } فإنك إن{[45267]} تؤخرنا إليه { نجب دعوتك } أي استدراكاً لما فرطنا فيه ؛ والإجابة : القطع على موافقة الداعي{[45268]} بالإرادة { ونتبع }{[45269]} أي بغاية الرغبة{[45270]} { الرسل } فيقال لهم : إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر ، {[45271]} أولم تكونوا تقولون{[45272]} : إن عرى صبركم لا تنحل ، وحد{[45273]} عزائمكم لا يفل{[45274]} ؟ { أولم تكونوا } أي كوناً أنتم فيه في غاية المكنة { أقسمتم } أي جهلاً وسفهاً أو أشراً{[45275]} وبطراً .

ولما لم يكن وقت إقسامهم مستغرقاً للزمان قال : { من قبل } وبين الجواب المقسم عليه بقوله - حاكياً معنى قولهم لا لفظه - ليكون صريحاً في المراد من غير احتمال لتعنت لو قيل : ما لنا ؟ : { ما لكم } وأكد النفي فقال : { من زوال } عما أنتم عليه من الكفران وعدم الإذعان للإيمان ، أو من هذه{[45276]} الدار إلى الدار الآخرة ، أو من منازلكم التي أنتم بها ، كناية عن ثبات الأمر وعدم المبالاة بالمخالف{[45277]} كائناً من كان


[45258]:زيد من ظ و م ومد.
[45259]:في ظ: فإنهم.
[45260]:في ظ: أو.
[45261]:من ظ و م، وفي الأصل ومد: أي بالبعث.
[45262]:من ظ و م، وفي الأصل ومد: أي بالبعث.
[45263]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: كان.
[45264]:زيد من ظ و م ومد.
[45265]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: ميز.
[45266]:زيد من ظ و م ومد.
[45267]:سقط من ظ.
[45268]:في ظ: الداعية.
[45269]:سقط ما بين الرقمين من م.
[45270]:سقط ما بين الرقمين من م.
[45271]:في ظ: لو كنتم تعلمون- كذا.
[45272]:في ظ: لو كنتم تعلمون- كذا.
[45273]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: جد.
[45274]:من م ومد، وفي الأصل: ولا يقل، وفي ظ: لا يغل- كذا.
[45275]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: شرا.
[45276]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: هذا.
[45277]:في ظ: بالمخالفة.