السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَأَنذِرِ ٱلنَّاسَ يَوۡمَ يَأۡتِيهِمُ ٱلۡعَذَابُ فَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ رَبَّنَآ أَخِّرۡنَآ إِلَىٰٓ أَجَلٖ قَرِيبٖ نُّجِبۡ دَعۡوَتَكَ وَنَتَّبِعِ ٱلرُّسُلَۗ أَوَلَمۡ تَكُونُوٓاْ أَقۡسَمۡتُم مِّن قَبۡلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٖ} (44)

{ وأنذر الناس } يا محمد ، أي : خوّفهم يوم القيامة وهو قوله تعالى : { يوم يأتيهم العذاب } ، أي : الذي تقدّم ذكره ، وهو شخوص أبصارهم وكونهم مهطعين مقنعي رؤوسهم . { فيقول الذين ظلموا } ، أي : كفروا { ربنا أخرنا } ، أي : بأن تردّنا إلى الدنيا { إلى أجل قريب } إلى أمد واحد من الزمان قريب { نجب دعوتك } ، أي : بالتوحيد ونتدارك ما فرّطنا فيه { ونتبع الرسل } فيما يدعوننا إليه ، فيقال لهم توبيخاً : { أو لم تكونوا أقسمتم } ، أي : حلفتم { من قبل } في الدنيا { ما لكم } وأكد النفي بقوله : { من زوال } ، أي : ما لكم عنها انتقال ولا بعث ولا نشور كما قال في آية أخرى : { وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت } [ النحل ، 38 ] وكانوا يقولون : لا زوال لنا من هذه الحياة إلى حياة أخرى ، ومن هذه الدار إلى دار المجازاة ، لا أنهم كانوا ينكرون أن يزولوا عن حياة إلى موت ، أو عن شباب إلى هرم ، أو عن غنى إلى فقر .