الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَأَنذِرِ ٱلنَّاسَ يَوۡمَ يَأۡتِيهِمُ ٱلۡعَذَابُ فَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ رَبَّنَآ أَخِّرۡنَآ إِلَىٰٓ أَجَلٖ قَرِيبٖ نُّجِبۡ دَعۡوَتَكَ وَنَتَّبِعِ ٱلرُّسُلَۗ أَوَلَمۡ تَكُونُوٓاْ أَقۡسَمۡتُم مِّن قَبۡلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٖ} (44)

وقوله سبحانه : { وَأَنذِرِ الناس يَوْمَ يَأْتِيهِمُ العذاب } [ إبراهيم : 44 ] .

المراد باليَوْمِ : يومُ القيامةِ ، ونصبُهُ على أنه مفعولٌ ب«أَنْذِر » ، ولا يجوزُ أن يكون ظرفاً ، لأن القيامة ليْسَتْ بموطنِ إِنذار .

قال الشيخُ العارفُ باللَّهِ عبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبي جَمْرَة : يجبُ التصْدِيقُ بكُلِّ ما أخبر اللَّه ورسُولُهُ به ، ولا يتعرَّض إِلى الكيفيَّة في كلِّ ما جاء من أمْرِ الساعة وأَحْوَالِ يومِ القيامةِ ، فإِنه أمْرٌ لا تسعه العُقُولُ ، وطَلَبُ الكيفيَّة فيه ضعْفٌ في الإِيمانِ ، وإِنما يجبُ الجَزْم بالتصديقِ بجميعِ مَا أخبر اللَّه بهِ ، انتهى .

قال الغَزَّالِيُّ : فَأَعلمُ العلماءِ وأعْرَفُ الحكماءِ ينكشفُ له عَقِيبَ المَوْت مِنَ العجائبِ والآياتِ ما لَمْ يَخْطُرْ قَطُّ بباله ، ولا اختلج به ضميره ، فلو لم يكُنْ للعاقلَ هَمٌّ ولا غَمٌّ ، إِلا التفكُّر في خَطَر تلك الأحوال ، وما الذي ينكشفُ عَنْه الغِطَاء من شقاوةٍ لازمةٍ ، أو سعادة دائمةٍ لكان ذلك كافياً في استغراق جميع العُمُر ، والعَجَبُ من غَفْلتنا ، وهذه العظائِمُ بَيْنَ أيدينا . انتهى من «الإِحياء » .

وقوله : { أَوَ لَمْ تَكُونُوا } معناه : يقال لهم . وقوله : { مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ } : هو المُقْسَمُ عليه ، وهذه الآية ناظرةٌ إِلى ما حَكَى اللَّه سبحانه عنهم في قوله : { وَأَقْسَمُوا بالله جَهْدَ أيمانهم لاَ يَبْعَثُ الله مَن يَمُوتُ } [ النحل : 38 ] .