{ وَأَنذِرِ الناس } هذا رجوع إلى خطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أمره الله سبحانه بأن ينذر الناس . والمراد : الناس على العموم ؛ وقيل : المراد : كفار مكة . وقيل : الكفار على العموم . والأوّل أولى لأن الإنذار كما يكون للكافر يكون أيضاً للمسلم . ومنه قوله تعالى : { إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتبع الذكر } [ يس : 11 ] . ومعنى { يَوْمَ يَأْتِيهِمُ العذاب } يوم القيامة ، أي : خوّفهم هذا اليوم ، وهو يوم إتيان العذاب ، وإنما اقتصر على ذكر إتيان العذاب فيه مع كونه يوم إتيان الثواب ؛ لأن المقام مقام تهديد . وقيل : المراد : به : يوم موتهم ؛ فإنه أوّل أوقات إتيان العذاب ؛ وقيل المراد يوم هلاكهم بالعذاب العاجل ، وانتصاب يوم على أنه مفعول ثانٍ لأنذر { فَيَقُولُ الذين ظَلَمُواْ رَبَّنَا أَخّرْنَا إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ } المراد بالذين ظلموا ها هنا : هم الناس ، أي : فيقولون . والعدول إلى الإظهار مكان الإضمار للإشعار بأن الظلم هو العلة فيما نزل بهم ، هذا إذا كان المراد بالناس : هم الكفار . وعلى تقدير كون المراد بهم : من يعمّ المسلمين ، فالمعنى : فيقول الذين ظلموا منهم وهم الكفار { ربنا أخرنا } أمهلنا { إلى أجل قريب } إلى أمد من الزمان معلوم غير بعيد { نُّجِبْ دَعْوَتَكَ } أي : دعوتك لعبادك على ألسن أنبيائك إلى توحيدك { وَنَتَّبِعِ الرسل } المرسلين منك إلينا فنعمل بما بلغوه إلينا من شرائعك ، ونتدارك ما فرط منا من الإهمال ، وإنما جمع الرسل ؛ لأن دعوتهم إلى التوحيد متفقة ؛ فاتباع واحد منهم اتباع لجميعهم ، وهذا منهم سؤال للرجوع إلى الدنيا لما ظهر لهم الحق في الآخرة { وَلَوْ رُدُّوا لعادوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ } [ الأنعام : 28 ] . ثم حكى سبحانه ما يجاب به عنهم عند أن يقولوا هذه المقالة ، فقال : { أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مّن قَبْلُ مَا لَكُمْ مّن زَوَالٍ } أي : فيقال لهم هذا القول توبيخاً وتقريعاً ، أي : أولم تكونوا أقسمتم من قبل هذا اليوم ما لكم من زوال من دار الدنيا . وقيل : إنه لا قسم منهم حقيقة . وإنما كان لسان حالهم ذلك لاستغراقهم في الشهوات ، وإخلادهم إلى الحياة الدنيا . وقيل : قسمهم هذا هو ما حكاه الله عنهم في قوله : { وَأَقْسَمُوا بالله جَهْدَ أيمانهم لاَ يَبْعَثُ الله مَن يَمُوتُ } [ النحل : 38 ] ، وجواب القسم { مَالَكُمْ مّن زَوَالٍ } وإنما جاء بلفظ الخطاب في { ما لكم من زوال } لمراعاة { أقسمتم } ولولا ذلك لقال : مالنا من زوال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.