فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَيَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡمَحِيضِۖ قُلۡ هُوَ أَذٗى فَٱعۡتَزِلُواْ ٱلنِّسَآءَ فِي ٱلۡمَحِيضِ وَلَا تَقۡرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطۡهُرۡنَۖ فَإِذَا تَطَهَّرۡنَ فَأۡتُوهُنَّ مِنۡ حَيۡثُ أَمَرَكُمُ ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلتَّوَّـٰبِينَ وَيُحِبُّ ٱلۡمُتَطَهِّرِينَ} (222)

119

{ فاعتزلوا النساء في المحيض } اجتنبوا جماع الزوجات حال حيضهن .

{ من حيث أمركم الله } من حيث جاء الدم من ثم أمرت أن تأتى .

{ ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن } في صحيح مسلم عن أنس رضي الله تعالى عنه أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة منهم أخرجوها من البيت ولم يؤاكلوها ولم يشاربوها ولم يجامعوها في البيوت فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأنزل الله هذه الآية فقال صلى الله عليه وسلم ( جامعهن{[691]} في البيوت وصانعوا كل شيء إلى النكاح ){[692]} . نبأنا العليم الخبير أن الحيض يتأذى منه وتكره لونه ورائحته الفطرة السليمة ونهانا عن الاستمتاع بالزوجة حال خروج هذا الحيض منها ، ولا إذن في أن يتمتع الرجل بامرأته إلا بعد طهرها من حيضها { فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله } أي فجامعوهن وهو أمر إباحة وكني بالإتيان عن الوطء . . . و{ من } بمعنى في أي في حيث أمركم الله وهو القبل ونظيره قوله تعالى { . . . أروني ماذا خلقوا من الأرض }{[693]} أي في الأرض ، وقوله { . . . إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة . . }{[694]} أي في يوم الجمعة وقيل المعنى أي من الوجه الذي أذن لكم فيه . . وقال محمد ابن الحنفية : المعنى من قبل الحلال لا من قبل الزنى ]{[695]} . { إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين } قال مجاهد من إتيان النساء في أدبارهن وعنه من الذنوب وقيل المتطهرون الذين لم يذنبوا فإن قيل كيف قدم بالذكر الذي أذنب على من لم يذنب قيل قدمه لئلا يقنط التائب من الرحمة ولا يعجب المتطهر بنفسه كما ذكر في آية أخرى : { . . فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات . . }{[696]} .


[691]:أي خالطوهن وجالسوهن وليس المراد الجماع فإنه منهي عنه بالكتاب والسنة والإجماع.
[692]:زاد بعضهم فبلغ ذلك اليهود فقالوا ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه فجاء أسيد بن حضير وعباد بن بشر فقالا يا رسول الله إن اليهود تقول كذا وكذا أفلا نجامعهن؟ فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظننا أنه قد وجد -أي غضب- عليهما فخرجا فاستقبلتهما هدية من لبن إلى رسول الله صلى الله عليه فأرسل في آثارهما فسقاهما فعرفا أنه لم يجد عليهما.
[693]:من سورة الأحقاف من الآية 4.
[694]:سورة الجمعة من الآية 9.
[695]:ما بين العلامتين ([] من الجامع لأحكام القرآن.
[696]:من سورة فاطر الآية 32.