{ ذلك } يشار به إلى البعيد- غالبا { الكتاب } المكتوب الجامع .
{ ريب } شك ، تهمة . { هدى } دلالة ودعوة وتنبيه .
{ للمتقين } للمتقين المعاصي والمساخيط ، المطيعين لما أمروا به .
{ ذلك الكتاب } هذا القرآن كتابنا الذي سما على الكتب وجمع كل الخير وكل البر والحق ، وهو كتاب عزيز نفيس ، هو الكتاب على الحقيقة . و( ذلك ) يشار بها إلى البعيد غالبا ؛ وهنا قد يكون المعنى : الإشارة إلى علو رتبته ورفعة شرفه .
مما أورد صاحب الجامع لأحكام القرآن{[77]} : { ذلك } قد تستعمل في الإشارة إلى حاضر وإن كان موضوعا للإشارة إلى غائب كما قال تعالى في الإخبار عن نفسه : { ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم }{[78]} ، أقول : وهو سبحانه أقرب إلينا من حبل الوريد وقد بين ذلك الذكر الحكيم في أكثر من آية { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب . . }{[79]} كما بين أنه تبارك وتعالى رقيب وشاهد { وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه . . }{[80]} ؛ و( الكتاب ) اسم من أسماء القرآن المجيد ، وقد أورد منها صاحب تفسير غرائب القرآن{[81]} نحوا من أربعين اسما ، الله العليم سماه فرقانا ، يقول جل وعز{ تبارك الذي نزل الفرقان على عبده . . }{[82]} ؛ ولعل في التسمية ما يشير إلى نزوله متفرقا على مدى بضع وعشرين سنة ، أو لأنه يفرق بين الحق والباطل ؛ وسماه المولى سبحانه ( حكما ) كما في الآية القرآنية { وكذلك أنزلناه حكما عربيا . . }{[83]} وسماه ( روحا ) و( نورا ) يقول ربنا تقدست أسماؤه : { وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا . . }{[84]} ، ويقول : ( . . ولكن جعلناه نورا . . ){[85]} .
{ لا ريب } لا شك ولا تهمة في أنه تنزيل الله الخالق جل وعلا ، وأنه حق فإن قلت كيف نفى الريب على سبيل الاستغراق ، كم من شقي مرتاب فيه ، ؟ قلت : ما نفى من أحد مرتاب فيه وإنما المنفى كونه متعلقا للريب ومظنة له لأنه من وضوح الدلالة بحيث لا ينبغي لمرتاب أن يقع فيه{[86]} ، وقيل : هو خبر ومعناه النهي ، أي : لا ترتابوا فيه .
{ هدى للمتقين } الهدى قد يعني : التبيين والدلالة والتنبيه والدعوة ، ومنها قول الله عز ثناؤه : { . . ولكل قوم هاد }{[87]} : { . . وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم }{[88]} ، وهذا هو الذي تقدر عليه الرسل وأتباعهم ؛ وقد يعني الهدى : التأييد والتوفيق وخلق الإيمان في القلب ، وهذا لا يقدر عليها إلا الله ، يقول سبحانه : { . . ولكن الله يهدي من يشاء . . }{[89]} ، { إنك لا تهدي من أحببت . . }{[90]} ؛ { فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام . . }{[91]} ؛ والمتقي : هو المؤتمر للمأمورات ، المنتهي عن المحظورات ، فحقيقة التقوى الخشية ، وقد يراد بها التوحيد كما في قول الله عز من قائل : { . . وألزمهم كلمة التقوى . . }{[92]} ، أي كلمة التوحيد : لا إله إلا الله ؛ وقد يراد بها الإخلاص ، ومنه ما جاء في الآية الكريمة { . . فإنها من تقوى القلوب }{[93]} ، أي : إخلاصها ؛ عن ابن عباس : المتقون{[94]} : هم المؤمنون الذين يتقون الشرك ويعملون بطاعة الله وقال قتادة : هم الذين نعتهم الله بقوله : { الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة }{[95]} واختيار ابن جرير{[96]} أن الآية تعم ذلك كله ؛ والفرقان الحكيم يبني ويدل على الحق ويرشد ويدعو إلى البر ، { إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم . . }{[97]} لكن المنتفعين بهداه{[98]} هم الذين يخشون الله ، ويطلبون رحمته وثوابه ورضاه ، { فذكر بالقرآن من يخاف وعيد }{[99]} ، { وإنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب . . }{[100]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.