هي أول سورة من سور{[1]} كتاب الله العزيز ، ولها أسماء كثيرة منها : أم القرآن ، فاتحة الكتاب ، السبع أي المثاني ، الكافية ، الشافية ، سورة الحمد .
روى البخاري في صحيحه عن أبي سعيد ابن المعلى قال كنت أصلي في المسجد فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أجبه ، فقلت : يا رسول الله إني كنت أصلي . فقال : " ألم يقل الله : ( . . استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم . . ){[2]} " ؟ ثم قال لي : لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن قبل أن تخرج من المسجد ( ثم أخد يدي ، فلما أراد أن يخرج من المسجد قلت له : ألم تقل لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن ؟ قال ( الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته ) .
أستعين وأبدأ دائما بالله الذي لا يعبد بحق سواه ، وهو المتصف بكل جلال . ولعله اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى .
وقيل : كانت أمرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإلى أتباعه . فالباء : إما متعلقة بفعل تقديره أبدأ باسم ، وبمثله جاءت الآية الكريمة : { اقرأ باسم ربك الذي خلق }{[16]}
وإما متعلقة باسم تقديره ابدأ باسم الله ابتدائي . منه قوله تعالى : { وقال اركبوا فيها باسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم }{[17]} .
والاسم غير الذات بدليل قوله تعالى : { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها . . } {[15]} . وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن لله تسعة وتسعين اسما ){[16]} ، فهذه أسماء كثيرة والمسمى واحد وهو الله عز وجل ؛ وقوله تعالى { . . فادعوه بها . . } أي فادعوا الله بأسمائه ، وذلك دليل على أنها غيره .
والله علم على الرب تبارك وتعالى ، ويقال : أنه الاسم الأعظم لأنه يوصف بجميع الصفات كما قال الله عز وجل : { هو الله الخالق البارئ المصور . . }{[17]} ، وهو اسم لم يسم به غير الله عز شأنه .
وإلى هذا اتجه أبو الفداء إسماعيل بن كثير . ونحا نحوه صاحب تفسير روح المعاني حيث قال ما ملخصه : الباء للاستعانة أو المصاحبة . . متعلقة بفعل تقديره أبدأ يفيد التجدد الاستمراري . واسم من السمو " العلو " أو من السمة العلامة ويطلق على الذات والحقيقة ؛ ومنه قوله تعالى { سبح اسم ربك . . }{[15]} إذ التسبيح ، إنما يتوجه إلى الذات الأقدس ؛ وإنما يغاير الاسم المسمى في المعلومات التي تغيب عنا فتكون الأسماء دليلا عليها . وليس من الأسماء الحسنى – التسعة والتسعين – ما لفظه اسم فلا يحسن إلا أن يراد به الذات .
( الله ) يفرق بينه وبين الإله بأنه لا يطلق على غير المولى جل شأنه . وهو للذات الجامعة لسائر الصفات .
بينما ذهب أبو عبد الله محمد القرطبي إلى أن معنى ( بسم الله ) قسم بالاسم الذي يدل على الذات والصفات . أو : بخلق الله وتقديره يوصل إلى ما وصل إليه .
وقيل : الباء للأمر أي : ابدأ باسم الله . أو على معنى الخبر أي : ابتدأت باسم الله .
وقيل في معنى اسم : لما علا على الأحرف والفعل سمى اسما .
( الله ) الاسم الأعظم : لا يثنى ولا يجمع .
ومن قبلهم ذهب أبو جعفر محمد ابن جرير الطبري إلى ما اقتبسوا بعضه{[16]} وتفرد بما أورده عن ابن عباس رضي الله عنهما في تأويلهما : اقرأ بذكر ربك . . وقم واقعد بذكر الله . 1ه . و( الله ) هو الذي يؤلهه كل شيء ويعبده كل شيء .
اسمان مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة{[17]} .
و( الرحمان ) ربما كان المقصود به مفيض الرحمة في الدنيا والآخرة يختص بها أهل الإيمان ، مصداقا لوعده الحق : { . . وكان بالمؤمنين رحيما . تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما }{[15]} .
قال أبو جعفر{[16]} : إن الله تعالى ذكره ، وتقدست أسماؤه ، أدب نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بتعليم تقديم ذكر أسمائه الحسنى أمام جميع أفعاله . . وجعل ما أدبه به من ذلك وعمله إياه منه لجميع خلقه سنة يستنون بها ، وسبيلا يتبعونه عليها في افتتاح أوائل منطقتهم ، وصدور رسائلهم وكتبهم وحاجاتهم . اه .
نقول : ومن هذا ما علم الله نوحا عليه السلام من ذكر اسمه سبحانه في بداية ارتحاله { وقال اركبوا فيها باسم الله مجراها ومرساها . . }{[17]} وكذا ما علم الله سليمان النبي الملك من تصدير رسالته إلى ملكة سبأ بذكر الله العظيم { قالت يأيها الملأ إني ألقي إلى كتاب كريم . إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمان الرحيم . أن لا تعلوا علي وائتوني مسلمين }{[15]} ؛ كما وجهنا القرآن الكريم إلى ذكر الله على ما نطعم : { فكلوا مما ذكر اسم الله عليه . . } {[16]} . وأرشدنا النبي الكريم إلى ذكر البسملة في أول كل فعل من أكل أو شرب أو ارتحال أو استشفاء أو استمتاع . . إلى غير ذلك من الأفعال . روى مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الشيطان يستحل الطعام أن لا يذكر اسم الله عليه ) . كما روى عمر بن أبي سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( يا غلام سم الله ، وكل بيمينك وكل مما يليك ) . وكذا روي عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال : باسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبدا ) . وروى مسلم بسنده أن عثمان ابن أبي العاص شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم : ( ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل باسم الله ثلاثا وقل سبع مرات : أعوذ بعزة الله من شر ما أجد وأحاذر ) .
وروى البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قال : باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه ، إن أمسكت نفسي فاغفر لها ، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين ){[17]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.