فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَإِذۡ قُلۡتُمۡ يَٰمُوسَىٰ لَن نُّؤۡمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى ٱللَّهَ جَهۡرَةٗ فَأَخَذَتۡكُمُ ٱلصَّـٰعِقَةُ وَأَنتُمۡ تَنظُرُونَ} (55)

{ جهرة } معاينة ؛ أو مجاهرين .

{ الصاعقة } نار من السماء محرقة . { تنظرون } تشاهدون وترون .

{ وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة } واذكروا معاشر بني إسرائيل وقت قيل أسلافكم وآبائكم الأقدمين لموسى الكليم عليه الصلوات والتسليم لن نصدقك ولن نستجيب لك في الدعوة إلى الدين حتى نعاين رب العالمين ، قال ابن عباس { جهرة } علانية .

وقد اختلف في جواز رؤية الله تعالى فأكثر المبتدعة على إنكارها{[284]} في الدنيا والآخرة وأهل السنة والسلف على جوازها فيهما ووقوعهما في الآخرة . . . وأكد في الجهر فرقا بين رؤية العيان ورؤية المنام –{[285]} .

{ فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون } أصل الصاعقة : كل أمر هائل عاينه أو أصابه حتى يصير من هوله وعظيم شأنه إلى هلاك وعطب وإلى ذهاب عقل وغمور فهم ؛ أو فقد بعض آلات الجسم صوتا كان ذلك أو نارا أو زلزلة أو رجفا { وأنتم تنظرون } أي إلى الصاعقة التي أصابتكم .


[284]:استدل المعتزلة بالآية على امتناع رؤية الله تعالى لأنها لو كانت أمرا جائز الوقوع لم تنزل بهم العقوبة كما لم تنزل حين التمسوا النقل من قوت إلى قوت في قولهم: {لن نصبر على طعام واحد} وأجيب أن امتناع رؤيته في الدنيا لا يستلزم امتناع رؤيته في الآخرة الذي هو محل النزاع فلعل رؤيته تقتضي زوال التكليف عن العبد والدنيا مقام التكليف مما أورد النيسابوري.
[285]:ما بين العارضتين من الجامع لأحكام القرآن