الآية 55 وقوله تعالى : ( وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ) قال بعضهم : قال الذين اختارهم موسى [ وكانوا ]{[815]} سبعين رجلا : لن نصدقك بالرسالة والتوراة حتى نرى الله جهرة ؛ يخبرنا أنه أنزلها{[816]} عيك . ويحتمل : ( لن نؤمن لك ) أنه إله ، ولا نعبده حتى نراه جهرة عيانا .
فاحتج بعض من ينفي الرؤية في الآخرة بهذه الآية حين [ قالوا : فلو كان يجوز أن يرى لكان لا تأخذهم الصاعقة ]{[817]} ، ولا استوجبوا بذلك العذاب والعقوبة .
وأما عندنا فليس{[818]} في الآية دليل نفي الرؤية ، بل فيها إثباتها ؛ وذلك أن موسى عليه السلام لما سألوا{[819]} الرؤية لم ينههم عن ذلك [ ولا ]{[820]} قال لهم : لا تسألوا [ هذا ، وكذلك سأل ]{[821]} هو ربه الرؤية ، فلم ينهه عنها ، بل قال : ( فإن استقر مكانه فسوف تراني ) [ الأعراف : 143 ] ، وذا حرف {[822]} الوعيد . [ لا ]{[823]} يجوز ذلك لو كان لا يحتمل لأنه كفر ، ومحال ترك النهي عنه . وكذلك ما روي في الأخبار من سؤال الرؤية لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين قالوا : أنرى ربنا ؟ لم يأت النهي عنه عن ذلك ولا الرد عليهم ؛ فلو كان لا يكون لنهوا عن ذلك ، ومنعوا .
وإنما أخذ هؤلاء الصاعقة بسؤالهم الرؤية لأنهم لم يسألوا سؤال استرشاد ، وإنما سألوا سؤال تعنت ؛ دليل التعنت في ما جاء من الآيات من وجه الكفاية لمن ينصف ؛ لذلك أخذتهم الصاعقة [ والله أعلم ، أو أن يقال : أخذتهم الصاعقة ]{[824]} بقولهم : ( لن نؤمن لك ) لا بقولهم : ( حتى نرى الله جهرة ) . وسنذكر هذه المسألة في موضعها إن شاء الله تعالى .
وقوله : ( فأخذتهم الصاعقة ) قيل : الصاعقة : كل عذاب فيه هلاك . لكن الهلاك على ضربين : هلاك الأبدان والأنفس ، وهلاك العقل والذهن كقوله : ( وخر موسى صعقا ) [ الأعراف : 143 ] قيل : مغشيا ، وفيه هلاك الذهن والعقل وكذلك قوله : ( فصعق من في السماوات ومن في الأرض ) [ الزمر : 68 ] أي غشي ، والله أعلم . وقيل : الصعقة صياح شديد .
وقوله : ( وأنتم تنظرون ) قيل [ فيه ]{[825]} بوجهين : قيل : تعلمون أن الصاعقة [ قد أخذتهم ، وأهلكتهم بقولهم الذي قالوا ، فكونوا على حذر من ذلك القول . وقيل : ( وأنتم تنظرون ) الخطاب لأولئك الذين أخذتهم الصاعقة ؛ أي تنظرون إلى الصاعقة ]{[826]} وقت أخذتها{[827]} ؛ أي لم تأخذهم فجأة ولا بغتة ولكن عيانا جهارا ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.