فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰٓ إِلَى ٱلظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَآ أَنزَلۡتَ إِلَيَّ مِنۡ خَيۡرٖ فَقِيرٞ} (24)

{ فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير 24 }

رفع موسى عن بئر حجرا كان يغطيها فسقى لهما [ . . رق لهما موسى فعمد إلى بئر كانت مغطاة ، والناس يسقون من غيرها ، وكان حجرها لا يرفعه إلا سبعة ، قاله ابن زيد ] أروى لهما بهائهما ثم آوى إلى ظل جلس فيه ، فسارع داعيا ربه أن يرزقه القوت ، وشكا إليه افتقاره إلى الطعام ، وكأنه استعمل الفعل الماضي- وهو لما يزل يترقب ما يدنيه الله تعالى منه ويسوقه منه إليه- ثقة في أن هذا واقع بفضل الله كالمتحقق فعلا ، إذ المعنى : رب ! ما أشد احتياجي وافتقاري إلى ما تنزل إلي من زاد ومدد .

روى صاحب الجامع لأحكام القرآن : وكان لم يذق طعاما سبعة أيام ، وقد لصق بطنه بظهره ، فعرض بالدعاء ولم يصرح بسؤال {[3019]} ، هكذا روى جميع المفسرين أنه طلب في هذا الكلام ما يأكله {[3020]} ، فالخير يكون بمعنى الطعام كما في هذه الآية ، ويكون بمعنى المال كما قال : ) . . . إن ترك خيرا . . . ){[3021]} .

وقوله : )وإنه لحب الخير لشديد( {[3022]} ، ويكون بمعنى القوة كما قال : )أهم خير أم قوم تبع( {[3023]} ويكون بمعنى العبادة ، كقوله : )وأوحينا إليهم فعل الخيرات . . ( {[3024]} . اه


[3019]:لم يسأل مخلوقا، وإنما سأل الله تعالى داعيا إياه،،وأسمع المرأتين، يقول ابن جرير: قال هذا القول وهو بجهد شديد، وعرض ذلك للمرأتين تعريضا لهما أن يطعماه لما به من شدة الجوع.
[3020]:نقل أبا جعفر الطبري عن مجاهد وابن زيد: ما سأل ربه إلا الطعام، كما نقل عن ابن عباس وابن جبير:{..إني لما أنزلت إلي من خير فقير} شبعه يومئذ.
[3021]:سورة البقرة. من الآية 180.
[3022]:سورة العاديات. الآية 8.
[3023]:سورة الدخان. من الآية 37.
[3024]:سورة الأنبياء. من الآية 73.