اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰٓ إِلَى ٱلظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَآ أَنزَلۡتَ إِلَيَّ مِنۡ خَيۡرٖ فَقِيرٞ} (24)

قوله : «فَسَقَى لَهُمَا » مفعوله محذوف أي : غنمهما لأجلهما{[40015]} ، { ثُمَّ تولى إِلَى الظل } أي : إلى ظل شجرة فجلس في ظلها من شدة الحر وهو جائع . قال الضحاك : لبث سبعة أيام لم يذق طعاماً إلا بقل الأرض{[40016]} .

فصل :

«لِمَا أَنْزَلْتَ » متعلق ب «فَقير » قال الزمخشري : عُدِّي فقير{[40017]} باللام لأنه ضمن معنى سائل وطالب ويحتمل إني فقير من الدنيا لأجل ما أنزلتَ إِليَّ من خير{[40018]} الدين ، وهو النجاة من الظالمين{[40019]} .

يعني أن افتقر يتعدى ب «مِنْ » ، فإمَّا أن نجعله من باب التضمين ، وإمّا أَنَّ{[40020]} متعلقه محذوف و «أَنْزَلْتَ » قيل ماض على أصله ، ويعني بالخير ما تقدم من خير الدين ، وقيل : بمعنى المستقبل{[40021]} . قال أهل اللغة : اللام بمعنى إلى ، يقال : فقير له ، وفقير إليه ، فإنْ قيل : كيف ساغ بنبي الله شعيب أن يرضى لابنتيه{[40022]} السعي بالماشية فالجواب : أنَّ الناس اختلفوا فيه : هل هو شعيب أو غيره كما تقدم ، وإن سلمنا أنه شعيب{[40023]} لكن لا مفسدة فيه ، لأن الدين لا يأباه ، وأحوال أهل{[40024]} البادية غير أحوال أهل الحضر{[40025]} سيما إذا كانت الحالة حالة{[40026]} ضرورة{[40027]} .

فصل :

قال ابن عباس : سأل الله تعالى فلقة خبز يقيم بها صلبه{[40028]} . قال الباقر{[40029]} : لقد قالها وإنه لمحتاج إلى شق تمرة{[40030]} ، وقال سعيد بن جبير : قال{[40031]} ابن عباس : لقد قال{[40032]} { رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ } وهو أكرم خلقه عليه ، ولقد افتقر إلي شق تمرة{[40033]} ، وقيل : إنما قال ذلك في نفسه مع ربه ، وهو اللائق بموسى عليه السلام{[40034]} فلما رجعتا إلى أبيهما سريعاً قبل الناس وأغنامهما حُفّل بِطَان{[40035]} قال لهما : ما أعجلكما : قالتا : وجدنا رجُلاً صالِحاً رحيماً فسقى لنا أغنامنا ، فقال لإحداهما : اذهبي فادعيه لي{[40036]} ،


[40015]:انظر البحر المحيط 7/113.
[40016]:انظر الفخر الرازي 24/240.
[40017]:في ب: فقيراً.
[40018]:في ب: من خير فقير.
[40019]:الكشاف 3/162.
[40020]:في ب: وإما أن يكون.
[40021]:انظر القرطبي 13/270.
[40022]:لابنته: سقط من ب.
[40023]:في ب: لا شعيب. وهو تحريف.
[40024]:في ب: أهلي. وهو تحريف.
[40025]:في ب: و. وهو تحريف.
[40026]:في ب: حال.
[40027]:انظر الكشاف 3/162، الفخر الرازي 24/240.
[40028]:انظر البغوي 6/330-331.
[40029]:هو محمد بن علي زين العابدين الباقر الإمام الخامس للشيعة ولد وتوفي بالمدينة. مات سنة 114 هـ. المنجد 106-107.
[40030]:انظر البغوي 6/331.
[40031]:في ب: عن.
[40032]:في ب: لقد قال موسى.
[40033]:انظر البغوي 6/331.
[40034]:المرجع السابق.
[40035]:أي: ممتلئة البطن.
[40036]:انظر الكشاف 3/162.