فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدۡيَنَ وَجَدَ عَلَيۡهِ أُمَّةٗ مِّنَ ٱلنَّاسِ يَسۡقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ ٱمۡرَأَتَيۡنِ تَذُودَانِۖ قَالَ مَا خَطۡبُكُمَاۖ قَالَتَا لَا نَسۡقِي حَتَّىٰ يُصۡدِرَ ٱلرِّعَآءُۖ وَأَبُونَا شَيۡخٞ كَبِيرٞ} (23)

{ ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير 23 }

تابع موسى رحلته تاركا مصر ، قاصدا مدين- وكان ملكها لغير فرعون – فلما بلغ ماء تلك المحلة رأى جمعا كبيرا من الناس يسقون أنعامهم وبهائمهم ، ورأى على مقربة من تلك الآبار امرأتين تمنعان غنمهما لئلا تختلط بغنم الناس ، فسأل المرأتين عن سبب تخلفهما عن سقي دوابهما ، فأخبرتاه أنهما ضعيفتان لا تقدران على ورود الحوض لسقي الغنم فإنا لا نطيق أن نسقي ، وإنما مواشينا ما أفضلت مواشي الرعاء في الحوض ، وليس لنا أن نزاحم الرجال ونختلط بهم ، فلهذا نتأخر في السقي إلى أن يفرغوا ، و{ يصدر } بمعنى يرجع ، أي حتى يرجع الناس مواشيهم عن الماء ، و{ الرعاء }جمع راع ، كصحاب جمع صاحب .

قال ابن عطية : وكأن استعمال السؤال بالخطب إنما هو في مصاب ، أو مضطهد ، أو من يشفق عليه ، أو يأتي بمنكر من الأمر ، فكأنه بالجملة في الشر . . اه

وأخبرتا موسى أن أباهما أضعفه المشيب ، وأوهنته الشيخوخة ، فهو لضعفه لا يقدر أن يباشر سقي ماشيته ، وما لهما من رجل يتولى عنهما ذلك الأمر .