فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{فَجَآءَتۡهُ إِحۡدَىٰهُمَا تَمۡشِي عَلَى ٱسۡتِحۡيَآءٖ قَالَتۡ إِنَّ أَبِي يَدۡعُوكَ لِيَجۡزِيَكَ أَجۡرَ مَا سَقَيۡتَ لَنَاۚ فَلَمَّا جَآءَهُۥ وَقَصَّ عَلَيۡهِ ٱلۡقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفۡۖ نَجَوۡتَ مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (25)

{ فجاءته إحداهما تمشي عن استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين25 }

فلما ذهبت المرأتان إلى أبيهما قبل موعدهما الذي اعتادتا العودة فيه ، وحدثتاه بما كان من أمر الرجل الذي سقى لهما ، أمر واحدة منهما أن تدعوه له ، فأتت إلى موسى ، وقدمت مستورة .

روى صاحب جامع البيان : . . عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه : { فجاءته إحداهما تمشي على استحياء . . } قال : لم تكن سلفعا{[3025]} من النساء خراجة ولاجة{[3026]} ، جاءته قائلة{[3027]} بيدها على وجهها . . اه .

وبلغت موسى طلب أبيها إياه ، والسبب الذي من أجله استدعاه . يقول ابن كثير : وهذا تأدب في العبارة ، لم تطلبه طلبا مطلقا لئلا يوهم ريبة . . اه .

وعرف موسى أنه مستدعي ليكافأ على سقيه غنم المرأتين- رحمة بهما- ويؤجر جزاء عودة الغنم مرتوية قبل سائر الرعاء ، ولبى موسى الدعوة ، ووصفت له داعيته الطريق حتى وصل إلى بيت أبيها ، فلما لقيه وكرمه أنس إليه وأخبره ، فطمأنه هذا الأب إلى أنه نزل منزلا لا يضام فيه ، ولا سلطان للظالمين عليه .


[3025]:السلفع: المرأة الجريئة على الرجال.
[3026]:الخراجة الولاجة: كثيرة التردد على المجالس.
[3027]:مغطية وجهها بيدها، أوبكم ثوبها.