فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا جَآءَكُمُ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ مُهَٰجِرَٰتٖ فَٱمۡتَحِنُوهُنَّۖ ٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِإِيمَٰنِهِنَّۖ فَإِنۡ عَلِمۡتُمُوهُنَّ مُؤۡمِنَٰتٖ فَلَا تَرۡجِعُوهُنَّ إِلَى ٱلۡكُفَّارِۖ لَا هُنَّ حِلّٞ لَّهُمۡ وَلَا هُمۡ يَحِلُّونَ لَهُنَّۖ وَءَاتُوهُم مَّآ أَنفَقُواْۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَآ ءَاتَيۡتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّۚ وَلَا تُمۡسِكُواْ بِعِصَمِ ٱلۡكَوَافِرِ وَسۡـَٔلُواْ مَآ أَنفَقۡتُمۡ وَلۡيَسۡـَٔلُواْ مَآ أَنفَقُواْۚ ذَٰلِكُمۡ حُكۡمُ ٱللَّهِ يَحۡكُمُ بَيۡنَكُمۡۖ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ} (10)

{ يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وآتوهم ما أنفقوا ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن ولا تمسكوا بعصم الكوافر واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم ( 10 ) } .

شرع الله تعالى أن من جاءت من النساء مؤمنة إلى دار الهجرة تاركة أهل الكفر فاستوثقوا من صدق إيمانها- ما استطعتم- فإذا ظهر منها ما يفيد العلم بإيمانها فلا آذن لكم أن تردوها إلى الكفار فإنها عليهم حرام ، وهم عليها حرام ، فإن المسلمة لا يحل لها أن تتزوج من كافر ؛ وإن كانت زوجة له فبإسلامها-دونه- يجب فراقها له .

قال ابن عباس : كانت المحنة – الامتحان- أن تستخلف بالله أنها ما خرجت من بغض زوجها ولا رغبة من أرض إلى أرض ، ولا التماس دنيا ، ولا عشقا لرجل منا ، بل حبا لله ورسوله .

[ والأكثر من أهل العلم على أن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط هربت من زوجها عمرو بن العاص ، ومعها أخواها عمارة والوليد ، فرد رسول الله أخويها وحبسها- أمسكها بالمدينة ولم يردها- فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : ردها علينا للشرط ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( كان الشرط في الرجال لا في النساء ) فأنزل الله تعالى هذه الآية . ]{[6609]} .

وأعطوا أزواج المؤمنات اللاتي يهاجرن إليكم ما دفعوا إليهن من مهور ؛ وقد أحل الله لكم أن يتزوج- من يرغب منكم- هذه المؤمنة التي جاءت مهاجرة- بعد أن تنقضي عدتها من زوجها الكافر- ولها- فوق مارد إلى زوجها الأول- صداق تعطاه ؛ ولا يحل لمؤمن أن يبقى على زوجة مشركة ؛ ومثلما شرعت لكم أن تردوا على الزوج الكافر ما دفع لامرأته التي آمنت وفارقته ، شرعت لكم أن تستردوا ما دفع بعضكم إلى زوجته التي قد تختار الكفر ؛ ذلك الذي بينت هو حكمي بينكم وبين أصهاركم ؛ والله محيط علمه فلا يخفى عليه- تبارك اسمه- ما هو حق وخير لكم ؛ وحكمته بالغة فلا يفوتها هدى ولا رشاد .


[6609]:مقتبس من الجامع جـ 18 ص 61؛ بتصرف.