تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَلَا يَنفَعُكُمۡ نُصۡحِيٓ إِنۡ أَرَدتُّ أَنۡ أَنصَحَ لَكُمۡ إِن كَانَ ٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغۡوِيَكُمۡۚ هُوَ رَبُّكُمۡ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (34)

المفردات :

ولا ينفعكم نصحي : والنصح : تحري الخير والصلاح للمنصوح له ، والإخلاص فيه قولا وعملا .

أن يغويكم : والإغواء : الإيقاع في الغي ، وهو الفساد الحسي والمعنوي .

التفسير :

34 { وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } .

لقد اجتهد نوح في نصح قومه ليلا ونهارا ، ولم يزدهم دعاؤه إلا فرارا ، وهنا يقول لهم : إذا حاولت تكرار النصح وزيادته ، ثم أمعنتم في الإعراض عن دعوة الله ؛ فإن نصيحتي لن تفيدكم مهما أردت نصحكم ، ما دامت إرادة الله قد سبقت لكم بالضلالة والعمى ؛ فإن من حكمة الله تعالى ربط الأسباب بالمسببات ، فمن أعرض عن دعوة الله وأصم أذنه عن الهدى ؛ سلب الله عنه البصيرة النافذة ، والهداية النافعة ؛ فبقى يتخبط في الضلال .

جاء في تفسير المراغي :

والخلاصة : أن معنى إرادة الله إغواءهم : اقتضاء سننه فيهم أن يكونوا من الغاوين ، لا خلقه للغواية فيهم ابتداء من غير عمل منكم ، ولا كسب لأسبابها ؛ فإن الحوادث مرتبطة بأسبابها والنتائج متوقفة على مقدماتها .

{ هو ربكم وإليه ترجعون } . أي : هو مالك أموركم ومدربها بحسب سننه المطردة في الدنيا ، وإليه ترجعون في الآخرة ؛ ليجازيكم بما تستحقون من خير أو شر .