الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَقُل رَّبِّ أَدۡخِلۡنِي مُدۡخَلَ صِدۡقٖ وَأَخۡرِجۡنِي مُخۡرَجَ صِدۡقٖ وَٱجۡعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلۡطَٰنٗا نَّصِيرٗا} (80)

قرىء «مدخل ومخرج » بالضم والفتح : بمعنى المصدر . ومعنى الفتح : أدخلني فأدخل مدخل صدق ، أي : أدخلني القبر مدخل صدق : إدخالاً مرضياً على طهارة وطيب من السيئات ، وأخرجني منه عند البعث إخراجاً مرضياً ، ملقى بالكرامة ، آمنا من السخط ، يدل عليه ذكره على أثر ذكر البعث . وقيل : نزلت حين أمر بالهجرة ، يريد إدخال المدينة والإخراج من مكة . وقيل : إدخاله مكة ظاهراً عليها بالفتح ، وإخراجه منها آمناً من المشركين ، وقيل : إدخاله الغار وإخراجه منه سالماً . وقيل إدخاله فيما حمله من عظيم الأمر - وهو النبوّة - وإخراجه منه مؤدياً لما كلفه من غير تفريط . وقيل : الطاعة . وقيل : هو عام في كل ما يدخل فيه ويلابسه من أمر ومكان { سلطانا } حجة تنصرني على من خالفني . أو ملكاً وعزا قوياً ناصراً للإسلام على الكفر مظهراً له عليه ، فأجيب دعوته بقوله : { والله يَعْصِمُكَ مِنَ الناس } [ المائدة : 67 ] . { فَإِنَّ حِزْبَ الله هُمُ الغالبون } [ المائدة : 56 ] ، { لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدين كُلّهِ } [ التوبة : 33 ] ، { ليستخلفنهم فِى الأرض } [ النور : 55 ] ووعده لينزعنّ ملك فارس والروم ، فيجعله له . وعنه صلى الله عليه وسلم : أنه استعمل عتاب بن أُسيد على أهل مكة وقال " انطلق فقد استعملتك على أهل الله " فكان شديداً على المريب ، ليناً على المؤمن وقال : لا والله لا أعلم متخلفاً يتخلف عن الصلاة في جماعة إلا ضربت عنقه ، فإنه لا يتخلف عن الصلاة إلا منافق . فقال أهل مكة : يا رسول الله ، لقد استعملت على أهل الله عتاب بن أسيد أعرابياً جافياً ، فقال صلى الله عليه وسلم : " إني رأيت فيما يرى النائم كأنّ عتاب بن أسيد أتى باب الجنة ، فأخذ بحلقة الباب فقلقلها قلقالاً شديداً حتى فتح له فدخلها ، فأعز الله به الإسلام لنصرته المسلمين على من يريد ظلمهم ، فذلك السلطان النصير " .