{ الربوا } كتب بالواو على لغة من يفخم كما كتبت الصلاة والزكاة وزيدت الألف بعدها تشبيها بواو الجمع { لاَ يَقُومُونَ } إذا بعثوا من قبورهم { إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الذى يَتَخَبَّطُهُ الشيطان } أي المصروع . وتخبط الشيطان من زعمات العرب ، يزعمون أن الشيطان يخبط الإنسان فيصرع . والخبط الضرب على غير استواء كخبط العشواء ، فورد على ما كانوا يعتقدون . والمس : الجنون . ورجل ممسوس ، وهذا أيضاً من زعماتهم ، وأن الجنيَّ يمسه فيختلط عقله ، وكذلك جن الرجل : معناه ضربته الجنّ ورأيتهم لهم في الجن قصص وأخبار وعجائب ، وإنكار ذلك عندهم كإنكار المشاهدات .
فإن قلت : بم يتعلق قوله : { مِنَ المس } ؟ قلت : ب ( لا يقومون ) ، أي لا يقومون من المسّ الذي بهم إلا كما يقوم المصروع . ويجوز أن يتعلق بيقوم ، أي كما يقوم المصروع من جنونه . والمعنى أنهم يقومون يوم القيامة مخبلين كالمصروعين ، تلك سيماهم يعرفون بها عند أهل الموقف . وقيل الذين يخرجون من الأجداث يوفضون ، إلا أكلة الربا فإنهم ينهضون ويسقطون كالمصروعين ، لأنهم أكلوا الربا فأرباه الله في بطونهم حتى أثقلهم ، فلا يقدرون على الإيفاض { ذَلِكَ } العقاب بسبب قولهم { إِنَّمَا البيع مِثْلُ الرباا } .
فإن قلت : هلا قيل إنما الربا مثل البيع لأنّ الكلام في الربا لا في البيع فوجب أن يقال : إنهم شبهوا الربا بالبيع فاستحلوه ، وكانت شبهتهم أنهم قالوا : لو اشترى الرجل ما لا يساوي إلا درهما بدرهمين جاز ، فكذلك إذا باع درهماً بدرهمين ؟ قلت : جيء به على طريق المبالغة ، وهو أنه قد بلغ من اعتقادهم في حل الربا أنهم جعلوه أصلا وقانوناً في الحل حتى شبهوا به البيع . وقوله : { وَأَحَلَّ الله البيع وَحَرَّمَ الرباا } إنكار لتسويتهم بينهما ، ودلالة عل أنّ القياس يهدمه النص ، لأنه جعل الدليل على بطلان قياسهم إحلال الله وتحريمه { فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ } فمن بلغه وعظ من الله وزجر بالنهي عن الربا { فانتهى } فتبع النهي وامتنع { فَلَهُ مَا سَلَفَ } فلا يؤخذ بما مضى منه ، لأنه أخذ قبل نزول التحريم { وَأَمْرُهُ إِلَى الله } يحكم في شأنه يوم القيامة ، وليس من أمره إليكم شيء فلا تطالبوه به { وَمَنْ عَادَ } إلى الربا { فأولئك أصحاب النار هُمْ فِيهَا خالدون } وهذا دليل بيِّن على تخليد الفساق . وذكر فعل الموعظة لأنّ تأنيثها غير حقيقي ، ولأنها في معنى الوعظ . وقرأ أبيٌّ والحسن : «فمن جاءته » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.