صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف  
{ٱلَّذِينَ يَأۡكُلُونَ ٱلرِّبَوٰاْ لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ ٱلَّذِي يَتَخَبَّطُهُ ٱلشَّيۡطَٰنُ مِنَ ٱلۡمَسِّۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَالُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡبَيۡعُ مِثۡلُ ٱلرِّبَوٰاْۗ وَأَحَلَّ ٱللَّهُ ٱلۡبَيۡعَ وَحَرَّمَ ٱلرِّبَوٰاْۚ فَمَن جَآءَهُۥ مَوۡعِظَةٞ مِّن رَّبِّهِۦ فَٱنتَهَىٰ فَلَهُۥ مَا سَلَفَ وَأَمۡرُهُۥٓ إِلَى ٱللَّهِۖ وَمَنۡ عَادَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (275)

{ يأكلون الربا }يتعاملون به أخذا وإعطاء . وخصَّ الأكل بالذِّكر لأنه مُعظم المقصود من المال .

والربا : الزيادة . يقال : ربا الشيء يربو إذا زاد وكثر . وفي الشرع : فضل مال لايقابله عوض في معاوضة مال بمال ، قلت الفائدة أوكثرت . وهو ربا نسيئة ، وربا فضل ، وكل منهما محرم شرعا . وسيأتي تتمة لهذا في آية 130 من آل عمران .

{ يتخبطه الشيطان }يتخبله الشيطان ويصرعه بسبب مسه إياه . وأصل التخبط : الضرب على غير استواء واتساق ، كخبط البعير الأرض بيديه . وفعله من باب ضرب . والمس : الخبل والجنون . يقال : مس الرجل فهو ممسوس ، إذا ألم به ملم فجن . والمعنى : أن المتعاملين بالربا المستحلين له لا يقومون يوم البعث إلا كقيام المصروع الذي تخبله الشيطان وصرعه . وهو-كما اختاره الإمام القفال – تشبيه جاء على ما تعارفوه من إضافة الصرع وكل شيء قبيح إلى الشيطان ، ونظيره قوله تعالى : { طلعها كأنه رءوس الشياطين }{[72]} . واختار الفخر أن المراد بمس الشيطان : دعاؤه إلى طلب الملذات والشهوات والاشتغال بغير الله ، ومن استجاب له كان متخبطا في أمر الدنيا ، فتارة يجره الشيطان إلى الهوى ، وتارة يجره الملك إلى الهدى . وآكل الربا مفرط في حب الدنيا ، فإذا مات على ذلك الحب . صار حجابا بينه وبين الله تعالى . فالخبط الذي كان حاصلا له في الدنيا بسبب حب المال أورثه خبطا في الآخرة ، أوقعه في ذل الحجاب .

{ إنما البيع مثل الربا }زعموا أنه حيث حل بيع ما قيمته درهم بدرهمين حالا أو مؤجلا يحل بيع درهم بدرهمين . وجعلهم الربا أصلا وتشبيه البيع به مبالغة منهم في التماثل .

{ وأحل الله البيع وحرم الربا }إبطال من الله تعالى لقول الكفار : ( إنما البيع مثل الربا ) .


[72]:: آية 65 الصافات