حمل قوله : { فاقتلوا أَنفُسَكُمْ } على الظاهر وهو البخع وقيل : معناه قتل بعضهم بعضاً . وقيل : أمر من لم يعبد العجل أن يقتلوا العبدة . وروي أن الرجل كان يبصر ولده ، ووالده وجاره وقريبه ، فلم يمكنهم المضي لأمر الله ، فأرسل اللَّه ضبابة وسحابة سوداء لا يتباصرون تحتها ، وأمروا أن يحْتبوا بأفنية بيوتهم ، ويأخذ الذين لم يعبدوا العجل سيوفهم ، وقيل لهم : اصبروا ، فلعن الله من مدّ طرفه أو حلّ حبوته أو اتقى بيد أو رجل ، فيقولون : آمين فقتلوهم إلى المساء حتى دعا موسى وهارون وقالا : يا رب ، هلكت بنو إسرائيل ، البقية البقية ، فكشفت السحابة ونزلت التوبة . فسقطت الشفار من أيديهم ، وكانت القتلى سبعين ألفاً .
فإن قلت : ما الفرق بين الفاآت ؟ قلت : الأولى للتسبيب لا غير ، لأن الظلم سبب التوبة . والثانية للتعقيب لأن المعنى فاعزموا على التوبة فاقتلوا أنفسكم ، من قِبَلِ أن الله تعالى جعل توبتهم قتل أنفسهم . ويجوز أن يكون القتل تمام توبتهم . فيكون المعنى : فتوبوا ، فأتبعوا التوبة القتل تتمة لتوبتكم ، والثالثة متعلقة بمحذوف ، ولا يخلو إما أن ينتظم في قول موسى لهم فتتعلق بشرط محذوف ، كأنه قال : فإن فعلتم فقد تاب عليكم . وإمّا أن يكون خطاباً من الله تعالى لهم على طريقة الالتفات . فيكون التقدير : ففعلتم ما أمركم به موسى فتاب عليكم بارؤكم .
فإن قلت : من أين اختص هذا الموضع بذكر البارىء ؟ قلت : البارىء هو الذي خلق الخلق بريئاً من التفاوت { مَا ترى فِى خَلْقِ الرحمن مِن تفاوت } [ الملك : 3 ] ومتميزاً بعضه من بعض بالأشكال المختلفة والصور المتباينة ، فكان فيه تقريع بما كان منهم من ترك عبادة العالم الحكيم الذي برأهم بلطف حكمته على الأشكال المختلفة أبرياء من التفاوت والتنافر ، إلى عبادة البقرة التي هي مثل في الغباوة والبلادة . في أمثال العرب : أبلد من ثور حتى عرضوا أنفسهم لسخط الله ونزول أمره بأن يفك ما ركبه من خلقهم ، وينثر ما نظم من صورهم وأشكالهم ، حين لم يشكروا النعمة في ذلك ، وغمطوها بعبادة من لا يقدر على شيء منها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.