مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِۦ يَٰقَوۡمِ إِنَّكُمۡ ظَلَمۡتُمۡ أَنفُسَكُم بِٱتِّخَاذِكُمُ ٱلۡعِجۡلَ فَتُوبُوٓاْ إِلَىٰ بَارِئِكُمۡ فَٱقۡتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ لَّكُمۡ عِندَ بَارِئِكُمۡ فَتَابَ عَلَيۡكُمۡۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ} (54)

{ وَإِذْ قَالَ موسى لِقَوْمِهِ } للذين عبدوا العجل . { ياقوم إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ باتخاذكم العجل } معبوداً { فَتُوبُواْ إلى بَارِئِكُمْ } هو الذي خلق الخلق بريئاً من التفاوت . وفيه تقريع لما كان منهم من ترك عبادة العالم الحكيم الذي برأهم إبرياء من التفاوت إلى عبادة البقر الذي هو مثل في الغباوة والبلادة { فاقتلوا أَنفُسَكُمْ } قيل : هو على الظاهر وهو البخع . وقيل : معناه قتل بعضهم بعضاً . وقيل : أمر من لم يعبد العجل أن يقتلوا العبدة فقتل سبعون ألفاً . { ذلكم } التوبة والقتل { خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ } من الإصرار على المعصية . { فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التواب } المفضال بقبول التوبة وإن كثرت { الرحيم } يعفو الحوبة وإن كبرت . والفاء الأولى للتسبيب لأن الظلم سبب التوبة ، والثانية للتعقيب لأن المعنى فاعزموا على التوبة فاقتلوا أنفسكم إذ الله تعالى جعل توبتهم قتل أنفسهم ، والثالثة متعلقة بشرط محذوف كأنه قال فإن فعلتم فقد تاب عليكم .