{ وإذ قال موسى لقومه } يعني الذين عبدوا العجل { يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل } يعني إلهاً تعبدونه فكأنهم قالوا ما نصنع قال { فتوبوا إلى بارئكم } أي ارجعوا إلى خالقكم بالتوبة قالوا كيف نتوب قال { فاقتلوا أنفسكم } يعني ليقتل البريء منكم المجرم . فإن قلت التوبة عبارة عن الندم على فعل القبيح والعزم على أن لا يعود إليه وهذا مغاير للقتل . فكيف يجوز تفسير التوبة بالقتل . قلت : ليس المراد تفسير التوبة بالقتل بل بيان أن توبتهم لا تتم إلا بالقتل ، وإنما كان كذلك لأن الله أوحى إلى موسى عليه الصلاة والسلام أن توبة المرتد لا تتم إلا بالقتل .
فإن قلت : التائب من الردة لا يقتل فكيف استحقوا القتل وقد تابوا من الردة . قلت ذلك مما تختلف فيه الشرائع فلعل شرع موسى كان يقتضي أن يقتل التائب من الردة إما عاماً في حق الكل أو خاصاً في حق الذين عبدوا العجل .
{ ذلكم خير لكم عند بارئكم } يعني القتل وتحمل هذه الشدة لأن الموت لا بد منه فلما أمرهم موسى بالقتل قالوا : نصبر لأمر الله تعالى فجلسوا محتبين من الحبوة وهو ضم الساق إلى البطن بثوب ، وقيل لهم من حل حبوته أو مد طرفه إلى قاتله أو اتقاه بيد أو رجل فهو ملعون مردودة توبته ، وأصلت القوم الخناجر والسيوف ، وأقبلوا عليهم فكان الرجل يرى ابنه وأباه وأخاه وقريبه وصديقه وجاره فيرق له ، فما يمكنهم المضي لأمر الله تعالى فقالوا يا موسى كيف نفعل ؟ فأرسل الله تعالى عليهم سحابة سوداء لا يبصر بعضهم بعضاً فكانوا يقتلون إلى المساء فلما كثر القتل دعا موسى وهارون الله وبكيا وتضرّعا إليه وقال : يا رب هلكت بنو إسرائيل البقية البقية فكشف الله السحابة عنهم وأمرهم أن يكفوا عن القتل ، فتكشف عن ألوف من القتلى .
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : كان عدد القتلى سبعين ألفاً فاشتد ذلك على موسى فأوحى الله إليه أما يرضيك أن أدخل القاتل والمقتول الجنة ، فكان من قتل منهم شهيداً ومن بقي مكفراً عنه ذنوبه فذلك قوله تعالى : { فتاب عليكم } أي فعلتم ما أمرتم به فتجاوز عنكم { إنه هو التواب } أي الرجاع بالمغفرة القابل التوبة { الرحيم } بخلقه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.