{ يُزْجِى } يسوق . ومنه : البضاعة المزجاة : التي يزجيها كل أحد لا يرضاها . والسحاب يكون واحداً كالعماء ، وجمعاً كالرباب . ومعنى تأليف الواحد : أنه يكون قزعاً فيضم بعضه إلى بعض . وجاز بينه وهو واحد ؛ لأن المعنى بين أجزائه ، كما قيل في قوله :
. . . بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ ***
والركام : المتراكم بعضه فوق بعض . والودق : المطر { مِنْ خلاله } من فتوقه ومخارجه : جمع خلل ، كجبال في جبل . وقرىء : «من خلله » { وَيُنَزّلُ } بالتشديد ، ويكاد سنا : على الإدغام . وبرقه : جمع برقة ، وهي المقدار من البرق ، كالغرفة واللقمة . وبرقه : بضمتين للإتباع ، كما قيل : في جمع فعلة : فعلات كظلمات . و «سناء برقة » على المدّ المقصور ، بمعنى الضوء ، والممدود : بمعنى العلو والارتفاع ، من قولك : سنيّ ، مرتفع . و { يَذْهَبُ بالأبصار } على زيادة الباء ، كقوله : { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ } [ البقرة : 195 ] عن أبي جعفر المدني : وهذا من تعديد الدلائل على ربوبيته وظهور أمره ، حيث ذكر تسبيح من في السموات والأرض وكل ما يطير بين السماء والأرض ودعاءهم له وابتهالهم إليه ، وأنه سخر السحاب التسخير الذي وصفه وما يحدث فيه من أفعاله حتى ينزل المطر منه ، وأنه يقسم رحمته بين خلقه ويقبضها ويبسطها على ما تقتضيه حكمته ، ويريهم البرق في السحاب الذي يكاد يخطف أبصارهم ، ليعتبروا ويحذروا . ويعاقب بين الليل والنهار ، ويخالف بينهما بالطول والقصر . وما هذه إلاّ براهين في غاية الوضوح على وجوده وثباته . ودلائل منادية على صفاته ، لمن نظر وفكر وتبصر وتدبر .
فإن قلت : متى رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسبيح من في السموات ودعاءهم ، وتسبيح الطير ودعاءه ، وتنزيل المطر من جبال برد في السماء ، حتى قيل له : ألم تر ؟ قلت : علمه من جهة إخبار الله إياه بذلك على طريق الوحي .
فإن قلت : ما الفرق بين من الأولى والثانية والثالثة في قوله : { مِنَ السماء مِن جِبَالٍ } ، { مِن بَرَدٍ } ؟ قلت : الأولى لابتداء الغاية ، والثانية للتبعيض . والثالثة للبيان . أو الأوليان للابتداء : والآخرة للتبعيض . ومعناه : أنه ينزل البرد من السماء من جبال فيها ، وعلى الأوّل مفعول «ينزل » : «من جبال » .
فإن قلت : ما معنى { مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ } ؟ قلت : فيه معنيان . أحدهما : أن يخلق الله في السماء جبال برد كما خلق في الأَرض جبال حجر . والثاني : أن يريد الكثرة بذكر الجبال ، كما يقال : فلان يملك جبالاً من ذهب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.