بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُزۡجِي سَحَابٗا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيۡنَهُۥ ثُمَّ يَجۡعَلُهُۥ رُكَامٗا فَتَرَى ٱلۡوَدۡقَ يَخۡرُجُ مِنۡ خِلَٰلِهِۦ وَيُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مِن جِبَالٖ فِيهَا مِنۢ بَرَدٖ فَيُصِيبُ بِهِۦ مَن يَشَآءُ وَيَصۡرِفُهُۥ عَن مَّن يَشَآءُۖ يَكَادُ سَنَا بَرۡقِهِۦ يَذۡهَبُ بِٱلۡأَبۡصَٰرِ} (43)

قوله عز وجل : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله يُزْجِى سَحَاباً } يعني : يسوق سحاباً { ثُمَّ يُؤَلّفُ بَيْنَهُ } يعني : يجمع بينه { ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً } يعني : قطعاً قطعاً ، ويقال : يجعل بعضها فوق بعض . { فَتَرَى الودق } يعني : المطر { يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ } يعني : من وسط السحاب . قرأ ابن عباس : يخرج من خلله وقراءة العامة { مِنْ خِلاَلِهِ } ، وهي جمع خلل . { وَيُنَزّلُ مِنَ السماء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ } يعني : من جبال في السماء . قال مقاتل : روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال : جبال السماء أكثر من جبال الأرض ، فيها من برد أي في الجبال من برد ، ويقال : وهو الجبال من البرد ، أي : ينزل من السماء من جبال البرد . وروي عن ابن عباس أنه قال : البرد هو الثلج ، وما رأيته . ويقال : الجبال عبارة عن الكثرة ، يعني : ينزل الثلج مقدار الجبال ، كما يقال : عند فلان جبال من مال ، أي : مقدار جبال من كثرته . ويقال البرد هو الذي له صلابة كهيئة الجمد { فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاء } يعني : البرد ، يصيب الزرع والإنسان إذا كان في مفازة .

قوله : { وَيَصْرِفُهُ *** مَا يَشَاء } فلا يصيبه ، ويقال : يصيب به ، يعني : يعذب به من يشاء ، ويصرفه عمن يشاء فلا يعذبه .

قوله : { يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ } يعني : ضوء برقه . { يَذْهَبُ بالأبصار } يعني : من شدة نوره . قرأ أبو جعفر المدني : يذهب ، بضمِّ الياء وكسر الهاء ، وقراءة العامة يذهب بنصب الياء والهاء .