الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُزۡجِي سَحَابٗا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيۡنَهُۥ ثُمَّ يَجۡعَلُهُۥ رُكَامٗا فَتَرَى ٱلۡوَدۡقَ يَخۡرُجُ مِنۡ خِلَٰلِهِۦ وَيُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مِن جِبَالٖ فِيهَا مِنۢ بَرَدٖ فَيُصِيبُ بِهِۦ مَن يَشَآءُ وَيَصۡرِفُهُۥ عَن مَّن يَشَآءُۖ يَكَادُ سَنَا بَرۡقِهِۦ يَذۡهَبُ بِٱلۡأَبۡصَٰرِ} (43)

و { يُزْجِي } [ النور : 43 ] .

معناه : يسوق ، والرُّكام ، الذي يركب بَعْضُه بعضاً ويتكاثف ، و{ الودق } : المطر ، قال البخارِيُّ : { مِن خلاله } أي : من بين أضعاف السحاب انتهى .

وقوله تعالى : { وَيُنَزِّلُ مِنَ السماء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ } قيل : ذلك حقيقةٌ ، وقد جعل اللّه في السماء جبالاً من بَرَدٍ ، وقالت فرقة : ذلك مجازٌ ، وإنَّما أراد وصف كثرته ، وهذا كما تقول : عند فلان جبال من مال وجبال من العلم .

( ت ) : وحَمْلُ اللفظ على حقيقته أولى إنْ لم يمنع من ذلك مانع ، ومن كتاب «الفرج بعد الشدة » للقاضي أبي علي التنوخي ، أحد الرواة عن أبي الحسن الدَّارَقُطْنِيِّ والمُخْتَصِّينَ به قال : أخبرنا أَبو بكر الصوليُّ عن بعض العلماء ، قال : رأيتُ امرأةً بالبادية ، وقد جاء البَرَدُ فذهب بزرعِها ، فجاء الناس : يُعَزُّنَها فرفعت رأسها إلى السماء ، وقالت : اللهم أنتَ المَأْمُولُ لأَحْسَنِ الخَلَفِ وبيدك التعويضُ مِمَّا تَلِفَ ، فافعل بنا ما أَنْتَ أهله ، فإنَّ أرزاقنا عليك وآمالنا مصروفة إليك قال : فلم أبرحْ حتى مَرَّ رجل من الأَجِلاَّءِ ، فحُدِّث بما كان فَوَهَبَ لها خَمْسِمائَةٍ دينارٍ ، فأجاب اللّه دعوتها وَفَرَّجَ في الحين كربتها انتهى .

وال{ سنا } مقصوراً : الضوءُ ، وبالمد : المَجْدُ ، والباء في قوله { بالأبصار } يحتمل أنْ تكون زائدة .