الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُزۡجِي سَحَابٗا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيۡنَهُۥ ثُمَّ يَجۡعَلُهُۥ رُكَامٗا فَتَرَى ٱلۡوَدۡقَ يَخۡرُجُ مِنۡ خِلَٰلِهِۦ وَيُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مِن جِبَالٖ فِيهَا مِنۢ بَرَدٖ فَيُصِيبُ بِهِۦ مَن يَشَآءُ وَيَصۡرِفُهُۥ عَن مَّن يَشَآءُۖ يَكَادُ سَنَا بَرۡقِهِۦ يَذۡهَبُ بِٱلۡأَبۡصَٰرِ} (43)

ثم قال تعالى{[48975]} : { ألم تر أن الله يرجي سحابا ثم يؤلف بينه }[ 42 ] ، أي : يؤلف قطعه أي يلصق بعضها إلى بعض ويقربها ، لأن السحاب يحدث{[48976]} قطعا ، قطعا .

وقيل{[48977]} : معناه يؤلف متفرقه لأن السحاب جمع سحابة .

وقال{[48978]} عبيد بن عمر{[48979]} : " الرياح أربع{[48980]} : يبعث الله الريح الأولى{[48981]} : فتقُمُّ{[48982]} الأرض قَمّا ، ثم يبعث الثانية فتنشئه سحابا ، ثم يبعث الثالثة فتؤلف بينه فتجعله ركاما ، أي متراكما بعضه{[48983]} على{[48984]} بعض ، ثم يبعث الرابعة{[48985]} فتمطره ، والودق المطر " .

ومعنى : { من خلاله }[ 42 ] ، أي : من{[48986]} بين السحاب ، والهاء من{[48987]} { خلاله }[ 42 ] تعود على السحاب والخلال جمع خَلل .

وقرأ{[48988]} ابن عباس ، والضحاك : من خلَله بالتوحيد لأنه مثل : جمل وجمال .

ثم قال تعالى ذكره{[48989]} : { وينزل من السماء من جبال فيها من برد }[ 42 ] ، فمن برد صفة للجبال ، كما يقول{[48990]} : أعطيتك من طعام من بُرّ ، فالجبال هي من برد مخلوقة ، وفيها صفة أيضا لجبال ، كأنه قال : وينزل من السماء من جبال مستقرة{[48991]} في السماء مخلوقة من برد{[48992]} .

وقيل{[48993]} : المعنى : وينزل من السماء قدر جبال أو أمثال{[48994]} جبال ، من برد إلى الأرض .

فيكون { من برد }[ 42 ] ، في موضع نصب على البيان كقوله : { أو عدل ذلك صياما }{[48995]} .

وقال{[48996]} الزجاج : معناه{[48997]} وينزل من السماء من جبال من{[48998]} برد فيها . كما تقول : هذا خاتم في يدي من حديد ، أي{[48999]} خاتم حديد في يدي وإنما{[49000]} جئت في ( هذا ) وفي الآية ب( من ) لما فرقتن ولأنك إذا قلت : هذا خاتم من حديد ، وخاتم حديد ، كان{[49001]} المعنى واحدا ، ويجوز أن يكون من برد في موضع نصب كما تقول : مررت بخاتم حديدا{[49002]} على الحال عند سيبويه . وعلى البيان عند المبرد ، وإن شئت كان في موضع خفض على البدل كما تقول : مررت بخاتم حديد على البدل .

وقيل : التقدير من جبال برد بتنوينهما ، قاله الفراء{[49003]} . كما تقول{[49004]} : الإنسان من لحم ودم ، والإنسان لحم{[49005]} ودم ، فالجبال عنده هي البرد وليست الآية كالتمثيل الذي مثل ، لأن حرف العطف في التمثيل وليس في الآية حرف عطف .

وذهب{[49006]} الأخفش إلى أن من زائدة فيهما{[49007]} ، ومن جبال ، ومن برد في موضع نصب عنده .

وقوله : { فيصيب به من يشاء }[ 42 ] ، أي : فيصيب بالبرد من يشاء فيهلكه أو يهلك به زرعهن ويصرفه عن من يشاء أي عن إهلاك{[49008]} من يشاء .

ثم قال{[49009]} : { يكاد سنا برقه }[ 42 ] ، أي : ضوؤه يذهب بالأبصار لشدة لمعانه .

وقرأ{[49010]} أبو جعفر يزيد بن القعقاع : { يذهب بالأبصار }[ 42 ] ، بالضم وخطأه{[49011]} / الأخفش ، وأبو حاتم{[49012]} لأن{[49013]} " الباء " {[49014]} تعاقب الهمزة . وقيل : إن " جوازه " {[49015]} على زيادة الباء .

وقيل : الباء متعلقة بالمصدر ، والتقدير : يذهب إذهابه بالأبصار . وكذلك أجازوا أُدخل بالمُدخل " السجن " {[49016]} الدار فجمعوا بين الهمزة والباء على أن يتعلق الباء{[49017]} بالمصدر . وهو قول علي بن سلمان عن المبرد .


[48975]:"تعالى" سقطت من ز.
[48976]:من "يحدث قطعا لأن السحاب" سقط من ز.
[48977]:انظر: تفسير ابن جرير 18/153.
[48978]:انظر المصدر السابق.
[48979]:انظر: غاية النهاية 1/496 رقم الترجمة 2064.
[48980]:ز: أربعة.
[48981]:ز: الأول: تحريف.
[48982]:قَمّ الشيء قما: كنسه، انظر: لسان 12/493.
[48983]:ز: بعضها.
[48984]:ز: فوق.
[48985]:ز: الرابع.
[48986]:"من" ساقطة من ز.
[48987]:ز: في.
[48988]:انظر: تفسير ابن جرير 18/153، والقرطبي 12/289، وشواذ القرآن ص104.
[48989]:"تعالى ذكره" سقطت من ز.
[48990]:ز: تقال.
[48991]:مشقرة.
[48992]:قال محمد بن الحسين النيسابوري: "قال عامة المفسرين: إن في السماء جبالا من برد خلقها الله فيها، كما خلق في الأرض جبالا من حجر" انظر: غرائب القرآن 18/116.
[48993]:انظر: تفسير ابن جرير 18/154، والقرطبي 12/289، وهو معزو للفراء في مجمع البيان، انظر: 18/59.
[48994]:ز: مثال.
[48995]:المائدة: آية95.
[48996]:انظر: معاني الزجاج 4/49، وزاد المسير 6/53.
[48997]:"من" سقطت من ز.
[48998]:"من" سقطت من ز.
[48999]:ز: أو.
[49000]:من "وإنما جئت وخاتم حديد" سقط من ز.
[49001]:ز: فكان
[49002]:ز: حديد: وهو خطأ.
[49003]:انظر: معاني الفراء 2/256-257.
[49004]:ز: يقال.
[49005]:"والإنسان لحم ودم" سقطت من ز.
[49006]:انظر: إعراب القرآن للنحاس 3/142، والمشكل 2/124، والقرطبي 12/289، التبيان 2/975، وإعراب القرآن للدرويش 6/624.
[49007]:ز: فيها.
[49008]:بعده في ز: مال.
[49009]:من "ثم قال.لمعانه" سقطت من ز.
[49010]:انظر: المحتسب 2/114، وشواذ القرآن ص04، والنشر/32، والقرطبي 12/270، وفيه الجحدري، وانظر: إتحاف فضلاء البشر 2/300.
[49011]:انظر: معاني الزجاج 4/50، وإعراب القرآن للنحاس 3/142.
[49012]:هو محمد بن إدريس بن المنذر بن داود، ابن مهران الحنظلي، أبو حاتم حافظ للحديث، من أقران البخاري ومسلم، ولد في الري سنة 195هـ وإليها نسبته، وتنقل في العراق، والشامـ ومصر، وبلاد الروم، وتوفي ببغداد سنة 277هـ انظر: المستطرفة ص104، وتهذيب التهذيب 9/31، وتاريخ بغداد 2/73، والأعلام6/250.
[49013]:انظر: المشكل 2/124.
[49014]:ز: "التاء" وهو تحريف.
[49015]:ز: جوزه.
[49016]:ز: المسجد.
[49017]:"الباء" سقطت من ز.