محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُزۡجِي سَحَابٗا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيۡنَهُۥ ثُمَّ يَجۡعَلُهُۥ رُكَامٗا فَتَرَى ٱلۡوَدۡقَ يَخۡرُجُ مِنۡ خِلَٰلِهِۦ وَيُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مِن جِبَالٖ فِيهَا مِنۢ بَرَدٖ فَيُصِيبُ بِهِۦ مَن يَشَآءُ وَيَصۡرِفُهُۥ عَن مَّن يَشَآءُۖ يَكَادُ سَنَا بَرۡقِهِۦ يَذۡهَبُ بِٱلۡأَبۡصَٰرِ} (43)

{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا } أي يسوقها برفق . ومنه البضاعة المزجاة ، يزجيها كل أحد . أي يدفعها لرغبته عنها ، أو لقدرته على سوقها وإيصالها { ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ } بضم بعضه إلى بعض . فيجعل القطع المتفرقة قطعة واحدة { ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا } أي متراكما بعضه فوق بعض { فَتَرَى الْوَدْقَ } أي المطر { يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ } وهي فرجه ومخارج القطر منه { وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاء وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاء } قال ابن كثير : يحتمل المعنى : فيصيب بما ينزل من السماء من نوعي المطر والبرد رحمة بهم ويصرفه عن آخرين حكمة وابتلاء . ويحتمل المعنى : فيصيب بالبرد من يشاء نقمة لما فيه من نثر الثمار وإتلاف الزروع . ويصرفه عمن يشاء رحمة بهم . انتهى .

وخلاصته أن الضمير إما للأقرب ، على الثاني ، أو له ولما قبله ، على الأول .

لطيفة :

قد ذكرت ( من ) الجارة في الآية ثلاث مرات . فالأولى ابتدائية اتفاقا . والثانية زائدة أو تبعيضية أو ابتدائية ، على جعل مدخولها بدلا مما قبله بإعادة الجار . والثالثة فيها هذه الأقوال . وتزيد برابع ، وهو أنها لبيان الجنس . والتقدير : ينزل من السماء بعض جبال ، التي هي البرد .

{ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ } أي لمعانه { يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ } أي يخطفها لشدته وقوته .