الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{۞ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعۡفٖ ثُمَّ جَعَلَ مِنۢ بَعۡدِ ضَعۡفٖ قُوَّةٗ ثُمَّ جَعَلَ مِنۢ بَعۡدِ قُوَّةٖ ضَعۡفٗا وَشَيۡبَةٗۚ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُۚ وَهُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡقَدِيرُ} (54)

قرىء : بفتح الضاد وضمها ، وهما لغتان . والضم أقوى في القراءة ، لما روى ابن عمر رضي الله عنهما : قال : قرأتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم من ضَعف ، فأقرأني من ضُعف . وقوله : { خَلَقَكُمْ مّن ضَعْفٍ } كقوله : { خُلِقَ الإنسان مِنْ عَجَلٍ } [ الأنبياء : 37 ] يعني أنّ أساس أمركم وما عليه جبلتكم وبنيتكم الضعف { وَخُلِقَ الإنسان ضَعِيفاً } [ النساء : 28 ] أي ابتدأناكم في أوّل الأمر ضعافاً . وذلك حال الطفولة والنشء حتى بلغتم وقت الاحتلام والشبيبة ، وتلك حال القوّة إلى الاكتهال وبلوغ الأشدّ ، ثم رددتم إلى أصل حالكم وهو الضعف بالشيخوخة والهرم . وقيل : من ضعف من النطف ، كقوله تعالى : { مّن مَّاء مَّهِينٍ } [ السجدة : 8 ] ، [ المرسلات : 20 ] وهذا الترديد في الأحوال المختلفة ، والتغيير من هيئة إلى هيئة وصفة إلى صفة : أظهر دليل وأعدل شاهد على الصانع العليم القادر .