إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{۞ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعۡفٖ ثُمَّ جَعَلَ مِنۢ بَعۡدِ ضَعۡفٖ قُوَّةٗ ثُمَّ جَعَلَ مِنۢ بَعۡدِ قُوَّةٖ ضَعۡفٗا وَشَيۡبَةٗۚ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُۚ وَهُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡقَدِيرُ} (54)

{ الله الذي خَلَقَكُمْ مّن ضَعْفٍ } مبتدأٌ وخبرٌ أي ابتدأكُم ضعفاءَ وجعلَ الضَّعفَ أساسَ أمرِكم كقولِه تعالى : { وَخُلِقَ الإنسان ضَعِيفاً } [ سورة النساء ، الآية28 ] أي خلقكُم من أصلٍ ضعيفٍ هو النُّطفة . { ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً } وذلك عند بلوغِكم الحُلُمَ أو تعلقِ الرُّوح بأبدانِكم { ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً } إذا أخذَ منكم السنُّ . وقرئ بضمِّ الضَّادِ في الكلِّ وهو أَقوى لقولِ ابنِ عمرَ رضي الله عنهما : قرأتها على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فأقرأنِي من ضُعفٍ . وهُما لغُتانِ كالفَقْرِ والفُقْرِ . والتَّنكيرُ معَ التَّكريرِ لأنَّ المتقدِّمَ غيرُ المتأخرِ . { يَخْلُقُ مَا يَشَاء } من الأشياءَ التي من جُملتِها ما ذُكر من الضَّعفِ والقُوَّةِ والشَّيبةِ { وَهُوَ العليم القدير } المبالغُ في العلمِ والقدرةِ فإنَّ التَّرديدَ فيما ذُكر من الأطوارِ المختلفةِ من أوضحِ دلائلِ العلمِ والقدرةِ