الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{قَالَ ٱللَّهُ هَٰذَا يَوۡمُ يَنفَعُ ٱلصَّـٰدِقِينَ صِدۡقُهُمۡۚ لَهُمۡ جَنَّـٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۖ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (119)

قرئ : «هذا يوم ينفع » بالرفع والإضافة . وبالنصب إما على أنه ظرف لقال : وإما على أنّ ( هذا ) مبتدأ ، والظرف خبر . ومعناه : هذا الذي ذكرنا من كلام عيسى واقع يوم ينفع . ولا يجوز أن يكون فتحاً ، كقوله تعالى : { يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ } [ الانفطار : 9 ] لأنه مضاف إلى متمكن . وقرأ الأعمش : «يومٌ ينفع » بالتنوين ، كقوله تعالى : { واتقوا يَوْمًا لاَّ تَجْرِى نَفْسٌ } [ البقرة : 48 ]

فإن قلت : ما معنى قوله : ينفع الصادقين صدقهم ؟ إن أريد صدقهم في الآخرة فليست الآخرة بدار عمل ، وإن أريد صدقهم في الدنيا فليس بمطابق لما ورد فيه ؛ لأنه في معنى الشهادة لعيسى عليه السلام بالصدق فيما يجيب به يوم القيامة ؟ قلت : معناه الصدق المستمر بالصادقين في دنياهم وآخرتهم . وعن قتادة : متكلمان تكلما يوم القيامة . أمّا إبليس فقال : إنّ الله وعدكم وعد الحق ، فصدق يومئذ وكان قبل ذلك كاذباً ، فلم ينفعه صدقه . وأما عيسى عليه السلام فكان صادقاً في الحياة وبعد الممات فنفعه صدقه .