السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قَالَ ٱللَّهُ هَٰذَا يَوۡمُ يَنفَعُ ٱلصَّـٰدِقِينَ صِدۡقُهُمۡۚ لَهُمۡ جَنَّـٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۖ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (119)

{ قال الله } تعالى { هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم } أي : في الدنيا كعيسى فإنّ النافع ما كان حال التكليف لا صدقهم في الآخرة ، وقرأ نافع بنصب الميم على أنه ظرف لقال وخبر هذا محذوف ، والمعنى : هذا الذي من كلام عيسى عليه السلام واقع يوم ينفع ، والباقون بالرفع على الخبر ، وقيل : أراد بالصادقين النبيين ، وقال الكلبي : ينفع المؤمنين إيمانهم ، وقال قتادة : متكلّمان يخطبان يوم القيامة عيسى عليه الصلاة والسلام وهو ما قصّ الله تعالى وعدوّ الله إبليس ، وهو قوله تعالى : { وقال الشيطان لما قضي الأمر } ( إبراهيم ، 22 ) فصدق عدوّ الله يومئذٍ ، وكان كاذباً فلم ينفعه صدقه .

قال : ولما كان عيسى صادقاً في الدنيا والآخرة نفعه صدقه . ثم بيّن تعالى ثوابهم فقال : { لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها } وأكد معنى ذلك بقوله تعالى : { أبداً } ولما كان ذلك لا يتمّ إلا برضا الله تعالى قال : { رضي الله عنهم } بطاعته { ورضوا عنه } بثوابه { ذلك } أي : هذا الأمر العليّ لا غيره { الفوز العظيم } وأمّا الكاذبون في الدنيا فلا ينفعهم صدقهم في ذلك اليوم كالكفار لما يؤمنون عند رؤية العذاب .