تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَالَ ٱللَّهُ هَٰذَا يَوۡمُ يَنفَعُ ٱلصَّـٰدِقِينَ صِدۡقُهُمۡۚ لَهُمۡ جَنَّـٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۖ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (119)

وقوله تعالى : ( قال الله هذا ) قيل : قال بمعنى يقول الله يوم القيامة ( يوم ينفع الصادقين صدقهم ) أي اليوم ينفع الصادقين صدقهم في الدنيا ، وينفع صدق الصادق أيضا في الدنيا ؛ لأنه إذا عرف بالصدق قبل قوله ، وإن لم يظهر صدقه في قوله .

ثم اختلف في الصادقين من هم ؟ قال بعضهم : هم المؤمنون جملة أي يومئذ ينفع إيمان المؤمنين وتوحيد الموحدين في الدنيا كقوله تعالى : ( والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون )[ الحديد : 19 ] وقال بعضهم : الصادقون هم الأنبياء عليهم السلام .

وقوله تعالى : ( لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ) قد ذكرنا في ما تقدم ( خالدين فيها أبدا ) وخالدين وأبدا واحد ، لكنه يذكر على التأكيد .

وقوله تعالى : ( رضي الله عنهم ) لسعيهم في الدنيا ( ورضوا عنه ) بالثواب لسعيهم . ويحتمل ( ورضوا عنه ) بما وفقهم على سعيهم المحمود في الدنيا ( ذلك الفوز العظيم ) لأنه ليس بعده خوف الهلاك ولا خوف الفوت ، فهو الفوز العظيم ؛ ليس كفوز الدنيا لأنه لا يذهب عنه خوف الهلاك ولا خوف الفوت .