معاني القرآن للفراء - الفراء  
{قَالَ ٱللَّهُ هَٰذَا يَوۡمُ يَنفَعُ ٱلصَّـٰدِقِينَ صِدۡقُهُمۡۚ لَهُمۡ جَنَّـٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۖ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (119)

وقوله : { هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ . . . }

ترفع ( اليوم ) ب ( هذا ) ، ويجوز أن تنصبه ؛ لأنه مضاف إلى غير اسم ، كما قالت العرب : مضى يومَئذٍ بما فيه . ويفعلون ذلك به في موضع الخفض ، قال الشاعر :

رددنا لشعثاء الرسولَ ولا أرى *** كيوْمَئِذٍ شيئا تُردّ رسائله

وكذلك وجه القراءة في قوله : { مِن عذابِ يومَئِذٍ } ؛ { ومن خزي يومَئذ } ويجوز خفضه في موضع الخفض ، كما جاز رفعه في موضع الرفع . وما أُضيف إلى كلام ليس فيه مخفوض ، فافعل به ما فعلت في هذا ؛ كقول الشاعر :

على حينَِ عاتبتُ المشيب على الصِبا *** وقلتُ أَلَما تَصْحُ والشيب وازِع

وتفعل ذلك في يوم ، وليلة ، وحين ، وغَدَاة ، وعشيَّة ، وزمن ، وأزمان ، وأيام ، وليال . وقد يكون قوله : { هذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ } كذلك . وقوله : { هذا يوم لا ينطِقون } فيه ما في قوله : ( يوم ينفع ) ، وإن قلت " هذا يومٌ ينفع الصادقين " كما قال الله : { واتقوا يوماً لا تَجْزِي نَفْسٌ } تذهب إلى النكرة كان صوابا . والنصب في مثل هذا مكروه في الصفة ، وهو على ذلك جائز ، ولا يصلح في القراءة .