النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{قَالَ ٱللَّهُ هَٰذَا يَوۡمُ يَنفَعُ ٱلصَّـٰدِقِينَ صِدۡقُهُمۡۚ لَهُمۡ جَنَّـٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۖ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (119)

قوله تعالى : { قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ }

يعني يوم القيامة ، وإنما نفعهم الصدق في ذلك اليوم لوقوع الجزاء فيه وإن كان في [ كل ] الأيام نافعاً ، وفي هذا الصدق قولان :

أحدهما : أن صدقهم الذي كان منهم في الدنيا نفعهم في الآخرة جوزُوا عليه من الثواب ، فعلى هذا المراد بهذا الصدق وجهان محتملان :

أحدهما : أنه صدقهم في عهودهم .

والثاني : أنه تصديقهم لرسل الله وكتبه .

والقول الثاني : أنه صدق يكون منهم في الآخرة ينفعهم لقيامهم فيه بحق الله .

فعلى هذا في المراد بهذا الصدق وجهان محتملان :

أحدهما : أنه صدقهم في الشهادة لأنبيائهم بالبلاغ .

والثاني : صدقهم فيما شهدوا به على أنفسهم عن أعمالهم ، ويكون وجه النفع فيه أن يكفوا المؤاخذة بتركهم كتم الشهادة ، فيغفر لهم بإقرارهم لأنبيائهم وعلى أنفسهم .

وهل هم مصروفون عنه قبل موقف العرض ؟ على قولين .

والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب .