{ جَعَلَ } يتعدّى إلى مفعول واحد إذا كان بمعنى أحدث وأنشأ ، كقوله : { وَجَعَلَ الظلمات والنور } وإلى مفعولين إذا كان بمعنى صيَّر ، كقوله : { وَجَعَلُواْ الملائكة الذين هُمْ عِبَادُ الرحمن إناثا } [ الزخرف : 19 ] والفرق بين الخلق والجعل : أن الخلق فيه معنى التقدير ، وفي الجعل معنى التضمين ، كإنشاء شيء من شيء ، أو تصيير شيء شيئاً ، أو نقله من مكان إلى مكان . ومن ذلك { وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا } [ الأعراف : 189 ] { وَجَعَلَ الظلمات والنور } ؛ لأن الظلمات من الأجرام المتكاثفة ، والنور من النار { ثم جعلكم أزواجاَ } [ فاطر : 11 ] { أَجَعَلَ الآلهة إلها واحدا } [ ص : 5 ] .
فإن قلت : لم أفرد النور ؟ قلت : للقصد إلى الجنس ، كقوله تعالى : { والملك على أَرْجَائِهَا } [ الحاقة : 17 ] أو لأن الظلمات كثيرة ، لأنه ما من جنس من أجناس الأجرام إلاّ وله ظلّ ، وظلّه هو الظلمة ، بخلاف النور فإنه من جنس واحد وهو النار .
فإن قلت : علام عطف قوله : { ثْمَّ الذين كَفَرُواْ بِرَبّهِمْ يَعْدِلُونَ } ؟ قلت : إما على قوله : { الحمد للَّهِ } على معنى أن الله حقيق بالحمد على ما خلق ؛ لأنه ما خلقه إلاّ نعمة ، ثم الذين كفروا به يعدلون فيكفرون نعمته ، وإما على قوله : { خَلَقَ السماوات } على معنى أنه خلق ما خلق مما لا يقدر عليه أحد سواه ، ثم هم يعدلون به ما لا يقدر على شيء منه .
فإن قلت : فما معنى ثم ؟ قلت : استبعاد أن يعدلوا به بعد وضوح آيات قدرته ، وكذلك { ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ } [ الأنعام : 2 ] استبعاد لأن يمتروا فيه بعد ما ثبت أنه محييهم ومميتهم وباعثهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.