تفسير الأعقم - الأعقم  
{خَٰلِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ إِلَّا مَا شَآءَ رَبُّكَۚ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٞ لِّمَا يُرِيدُ} (107)

قال جار الله وقوله تعالى : { خالدين فيها ما دامت السموات والأرض } فيه وجهان أحدهما أن يريد سموات الآخرة وأرضها وهي دائمة مخلوقة للأبد ، والدليل أن لها سموات وأرضاً قوله تعالى : { يوم تُبدَّل الأرض غير الأرض والسموات } [ إبراهيم : 48 ] وقوله : { وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء } [ الزمر : 74 ] والثاني أن يكون عبارة عن التأييد ونفي الانقطاع كقول العرب ما دم لعار وما أقام ثير وما لاح كوكب ، قال جار الله : فإن قلت : ما معنى الاستثناء بقوله : { إلاَّ ما شاء ربك } وقد ثبت خلود أهل الجنة والنار خلود الأبد من غير استثناء ؟ قلت : هو استثناء من الخلود في عذاب النار ومن الخلود في نعيم الجنة ، وذلك أن أهل النار لا يخلدون في عذاب وحده ، بل يعذبون بالزمهرير وبأنواع من العذاب سوى عذاب النار وبما هو أغلظ منها كلها ، وهو سخط الله عليهم وإهانته لهم ، وكذلك أهل الجنة لهم سوى الجنة ما هو أكثر منها وأجلّ موقعاً منها وهو رضوان الله تعالى كما قال : { وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنَّات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنَّات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم } [ التوبة : 72 ] ، وقوله تعالى : { إن ربك فعال لما يريد } يعني أنه يفعل بأهل النار ما يريد من العذاب كما يعطي أهل الجنة عطاءه الذي لا انقطاع له