الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{خَٰلِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ إِلَّا مَا شَآءَ رَبُّكَۚ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٞ لِّمَا يُرِيدُ} (107)

وقوله سبحانه : { خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض } [ هود : 107 ] يُرْوَى عن ابن عباس : أَنَّ اللَّه خلق السموات والأرْضَ مِنْ نُورِ العَرْشِ ، ثم يردهما إِلى هناك في الآخرة ، فلهما ثَمَّ بَقَاءٌ دائمٌ ، وقيل : معنى : { مَا دَامَتِ السموات والأرض } : العبارة عن التأبيدِ بما تَعْهَدُهُ العرب ، وذلك أنَّ من فصيح كلامِهَا ، إِذا أرادَتْ أَن تخبر عَنْ تأبيد شيء أنْ تقول : لاَ أَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا أَمَدَ الدهْرِ ، وما نَاحَ الحَمَامُ ، وما دامت السموات والأرْضُ ، وقيل غير هذا .

قال ( ص ) : وقيل : المراد سموات الآخرةِ ، وأَرْضها ؛ يدلُّ عليه قوله : { يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرض غَيْرَ الأرض والسماوات } [ إبراهيم : 48 ] ، انتهى .

وأما قوله : { إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ } [ هود : 108 ] .

في الاستثناء ثلاثةُ أقوالٍ :

أحدها : أنه متَّصل ، أي : إِلا ما شاء ربُّكَ من إِخراج الموحِّدين ؛ وعلَى هذا يكونُ قوله : { فَأَمَّا الذين شَقُوا } [ هود : 106 ] عاماً في الكَفَرَةِ والعُصَاةِ ،