اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَضَرَبۡنَا عَلَىٰٓ ءَاذَانِهِمۡ فِي ٱلۡكَهۡفِ سِنِينَ عَدَدٗا} (11)

قوله : { فَضَرَبْنَا } : مفعوله محذوف ، أي : ضربنا الحجاب المانع ، و " عَلَى آذانِهم " استعارة للزوم النوم ؛ كقول الأسود : [ الكامل ]

ومن الحوادث لا أبا لكِ أنني ضُربَتْ عليَّ الأرضُ بالأسْدادِ{[20833]}

وقال الفرزدق : [ الكامل ] .

ضَربتْ عَليْكَ العَنْكبُوتُ بِنَسْجِهَا *** وقضَى عَليْكَ بهِ الكِتابُ المُنزَلُ{[20834]}

ونصَّ على الآذان ؛ لأنَّ بالضَّرب عليها خصوصاً يحصل النَّومُ . وأمال " آذانهم " .

قوله : { فِي الكهف } وهو ظرف المكان ، ومعنى الكلام : إنَّما هم في الكهف ، واسمه خيرم ، واسم الجبل الذي هو فيه [ مخلوس ]{[20835]} .

وقوله : " سِنينَ " ظرف " زمان " ل " ضَربْنَا " و " عَدداً " يجوز فيه أن يكون مصدراً ، وأن يكون " فعلاً " بمعنى مفعول ، أي من باب تسمية المفعول باسم المصدر ، كالقبض والنَّقض .

فعلى الأول : يجوز نصبه من وجهين :

أحدهما : النعت ل " سنين " على حذف مضافٍ ، أي : ذوات عدد ، أو على المبالغة على سبيل التأكيد والنصب بفعلٍ مقدرٍ ، أي : تعدُّ عدداً .

وعلى الثاني : نعتٌ ليس إلا ، أي : معدودة .

فصل

[ ذكر العدد هنا على سبيل التأكيد ] {[20836]} قال الزجاج : ذكر العدد ها هنا يفيد كثرة السِّنين ، وكذلك كل شيءٍ ممَّا يعدُّ إذا ذكر فيه العددُ ، ووصف به ، أريد كثرته ؛ لأنَّه إذا قلَّ ، فهم مقداره بدون التعديد ، أمَّا إذا كثر فهناك يحتاج إلى التعديد ، فإذا قلت : أقمتُ أيَّاماً عدداً ، أردتَّ به الكثرة .


[20833]:ينظر: المفضليات 2/16، البحر 6/799، القرطبي 15/9، الدر المصون 4/436.
[20834]:تقدم.
[20835]:في ب: بجلوس.
[20836]:سقط من أ.