ومعنى قوله : " ورَبَطْنَا " وشددنا " عَلى قُلوبِهمْ " بالصَّبْر والتثبت ، وقوَّيناهم بنور الإيمان ، حتَّى صبروا على هجران ديار قومهم ، ومفارقة ما كانوا فيه من خفض العيش ، وفرُّوا بدينهم إلى الكهف ، والرَّبطُ : استعارةٌ لتقوية كلمة في ذلك المكان الدَّحض .
قوله : { إِذْ قَامُواْ } : منصوب ب " رَبَطْنَا " . وفي هذا القيام أقوالٌ{[20852]} :
أحدها : قال مجاهدٌ : كانوا عظماء مدينتهم ، فخرجوا ، فاجتمعوا وراء المدينة من غير ميعادٍ ، فقال أكبرهم : إنِّي لأجد في نفسي شيئاً ، إنَّ ربِّي ربُّ السموات والأرض ، فقالوا : نحن كذلك نجد في أنفسنا ، فقاموا جميعاً ، فقالوا : { رَبُّنَا رَبُّ السماوات والأرض }{[20853]} .
والثاني : أنَّهم قاموا بين يدي ملكهم دقيانوس ، حين عاتبهم على ترك عبادة الصَّنم ، { فَقَالُواْ رَبُّنَا رَبُّ السماوات والأرض لَن نَّدْعُوَاْ مِن دُونِهِ إلها } فثبت الله هؤلاء الفتية وعصمهم ، حتَّى عصوا ذلك الجبَّار ، وأقرُّوا بربوبيَّة الله تعالى .
الثالث : قال عطاءٌ ومقاتلٌ : إنهم قالوا ذلك عند قيامهم من النَّوم ، وهذا بعيدٌ ؛ لأنَّ الله تعالى استأنف قصَّتهم{[20854]} فقال : { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نبَأَهُم } .
قوله : { لَّقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً } .
" إذن " جواب وجزاء ، أي : لقد قلنا قولاً شططاً ، إن دعونا من دونه إلهاً ، و " شططاً " في الأصل مصدر ، يقال : شطَّ شططاً وشُطُوطاً ، أي : جار وتجاوز حدَّه ، ومنه : شطَّ في السَّوم ، وأشطَّ ، أي : جاوز القدر حكاه الزجاج وغيره ، ومن قوله : " ولا تشطط " وشطَّ المنزلُ : أي بعد ، [ من ذلك ] وشطَّت الجارية شطاطاً أي : طالت ، من ذلك .
قال الفراء : ولم أسمع إلا " أشطَّ يُشطُّ إشطاطاً " فالشطُّ البعد عن الحقِّ .
قال ابن عباس : " شَطَطاً " أي : جوراً{[20855]} .
وقال قتادة : كذباً{[20856]} . وفي انتصابه ثلاثة أوجه :
الأول : مذهب سيبويه{[20857]} النصب على الحال ، من ضمير مصدر " قُلْنَا " .
الثاني : نعت لمصدر ، أي : قولاً ذا شططٍ ، أو هو الشَّططُ نفسه ؛ مبالغة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.