{ سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُواْ قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّواْ إِلَى الْفِتْنِةِ أُرْكِسُواْ فِيِهَا فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُواْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ [ وَيَكُفُّواْ أَيْدِيَهُمْ ]{[9191]} فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُوْلَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً }
السِّين في " ستجدون " للاسْتِقْبَال على أصلها ، قالوا : ولَيْسَت{[9192]} هنا للاسْتِقْبَال ، بل للدَّلالة على الاسْتِمْرَار ، وليس بِظَاهِرٍ .
قال الكَلْبِي عن أبي صَالحٍِ ، عن ابن عبَّاسٍ : هم أسَد وغطَفَان{[9193]} كانوا حَاضِرِي المَدِينَة ، تَكَلَّموا بالإسْلام رياءً ، وهم غير مُسْلِمِين ، فكان الرَّجُل مِنْهُم يقول له قَوْمُه : بماذا أسْلمت ؟ فيقول : آمَنْتُ بربِّ القِرْدِ ، وبرب العَقْرب والخُنْفُسَاء ، وإذا لقوا أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم قالوا : إنَّا على دينِكُم ، يريدون بذلك الأمْن في الفَرِيقَيْن ، وقال الضَّحَّاك عن ابن عبَّاس : هم بَنُو عَبْد الدَّار ، كانوا بهذه الصِّفَةِ .
{ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ } فلا تتعرَّضُوا لَهُم ، { وَيَأْمَنُواْ قَوْمَهُمْ } فلا يتعرَّضُوا لَهُم ، { كُلَّ مَا رُدُّواْ إِلَى الْفِتْنِةِ } دعوا إلى الشِّرْك ، { أُرْكِسُواْ فِيِهَا } أي : رجَعُوا وعادوا إلى الشِّرْك .
وقرأ عبد الله{[9194]} : " ركسوا فيها " ثلاثيَّا مُخَفَّفاً ، ونقل ابْنُ جنيٍّ عنه : " ركَّسوا " بالتَّشْديد . وقرأ ابن وثابِ والأعْمِشُ{[9195]} : " رِدوا " بِكَسْر الرَّاء ؛ لأن الأصْل : " رددوا " فأدْغِم ، وقلبت{[9196]} الكَسْرة على الرَّاء{[9197]} . وقوله : " إلى الفتنة " إلى الكُفْر .
{ أُرْكِسُواْ فِيِهَا فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ } أي : فإن لَمْ يكفُّوا عن قِتَالِكُم حَتَّى تسيروا إلى مَكَّة : { وَيُلْقُواْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ } أي : المفاداة والصُّلْح ، " ويكفوا أيديهم " ولم يقبضوا أيديهُم من قتالكم ، " فخذوهم " ، أسرى { وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثِقِفْتُمُوهُمْ } أي : وجدتموهم ، " وأولئكم " أي : أهل هذه الصِّفة { جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً } أي : حُجَّة بيِّنة ظاهرة بالقَتلِْ والقِتَال ، وهذه الآيَة تَدُلُّ على أنَّهم إذا اعْتزلُوا قِتَالنا وطَلَبُوا الصُّلحِ مِنَّا ، وكفوا أيْديهُم عن إيذائِنا ، لم يَجُزْ لنا قِتَالهم ، ونَظِيرُه قوله تعالى : { لاَّ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ } [ الممتحنة : 8 ] ، وقوله : { وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ } [ البقرة : 190 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.