فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{سَتَجِدُونَ ءَاخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأۡمَنُوكُمۡ وَيَأۡمَنُواْ قَوۡمَهُمۡ كُلَّ مَا رُدُّوٓاْ إِلَى ٱلۡفِتۡنَةِ أُرۡكِسُواْ فِيهَاۚ فَإِن لَّمۡ يَعۡتَزِلُوكُمۡ وَيُلۡقُوٓاْ إِلَيۡكُمُ ٱلسَّلَمَ وَيَكُفُّوٓاْ أَيۡدِيَهُمۡ فَخُذُوهُمۡ وَٱقۡتُلُوهُمۡ حَيۡثُ ثَقِفۡتُمُوهُمۡۚ وَأُوْلَـٰٓئِكُمۡ جَعَلۡنَا لَكُمۡ عَلَيۡهِمۡ سُلۡطَٰنٗا مُّبِينٗا} (91)

{ ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كل ما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا ( 91 ) }

{ ستجدون آخرين } والسين للاستمرار لا للاستقبال كقوله تعالى سيقول السفهاء قال الفاقسي : والحق أنها للاستقبال في الاستمرار للفعل لا في ابتدائه { يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم } فيظهرون لكم الإسلام ويظهرون لقومهم الكفر ليأمنوا من كلا الطائفتين ، وهم قوم من أهل تهامة طلبوا الأمان من رسول صلى الله عليه وسلم ليأمنوا عنده وعند قومهم ، وقيل هم قوم من أهل مكة .

وقيل نزلت في نعيم بن مسعود فإنه كان يأمن المسلمين والمشركين ، وقيل في قوم من المنافقين ، وقيل في أسد وغطفان .

{ كلما ردوا إلى الفتنة } أي دعاهم قومهم إليها وطلبوا منهم قتال المسلمين { أركسوا فيها } أي قلبوا فرجعوا إلى قومهم وقاتلوا المسلمين ومعنى الارتكاس الانتكاس .

{ فإن لم يعتزلوكم } يعني هؤلاء الذين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم ، لم يكفوا عن قتالكم حتى يسيروا إلى مكة { ويلقوا إليكم السلم } أي يستسلمون لكم ويدخلون في عهدكم وصلحكم وينسلخون عن قومهم { ويكفوا أيديهم } عن قتالكم { فخذوهم } يعني أسرى { واقتلوهم حيث ثقفتموهم } أي حيث وجدتموهم وتمكنتم منهم .

{ وأولئكم } الموصوفون بتلك الصفات { جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا } أي حجة واضحة تتسلطون بها عليهم وتقهرونهم بها بسبب ما في قلوبهم من المرض وما في صدورهم من الدغل وارتكاسهم في الفتنة بأيسر عمل وأقل سعي .