بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{سَتَجِدُونَ ءَاخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأۡمَنُوكُمۡ وَيَأۡمَنُواْ قَوۡمَهُمۡ كُلَّ مَا رُدُّوٓاْ إِلَى ٱلۡفِتۡنَةِ أُرۡكِسُواْ فِيهَاۚ فَإِن لَّمۡ يَعۡتَزِلُوكُمۡ وَيُلۡقُوٓاْ إِلَيۡكُمُ ٱلسَّلَمَ وَيَكُفُّوٓاْ أَيۡدِيَهُمۡ فَخُذُوهُمۡ وَٱقۡتُلُوهُمۡ حَيۡثُ ثَقِفۡتُمُوهُمۡۚ وَأُوْلَـٰٓئِكُمۡ جَعَلۡنَا لَكُمۡ عَلَيۡهِمۡ سُلۡطَٰنٗا مُّبِينٗا} (91)

ثم قال عز وجل : { سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُواْ قَوْمَهُمْ } وهم أسد وغطفان ، كانوا إذا أتوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقولون : آمنا بك ، وإذا رجعوا إلى قومهم قالوا : آمنا بالعقرب والخنفساء .

يقول : إنهم لم يريدوا بذلك تصديق النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما أرادوا به الاستهزاء . وقال مجاهد : هم ناس من أهل مكة ، كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم ويسلمون رياء ، ثم يرجعون إلى قريش فيرتكسون بالأوثان ، ويريدون أن يأمنوا ها هنا وها هنا .

فذلك قوله تعالى : { كُلَّمَا رُدُّواْ إِلَى الفتنة } يقول : كلما دعوا إلى الشرك { أُرْكِسُواْ فِيِهَا } يقول : عادوا إليه ودخلوا فيه { فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ } في القتال { وَيُلْقُواْ إِلَيْكُمُ السلم } أي لم يلقوا إليكم الصلح { وَيَكُفُّواْ أَيْدِيَهُمْ } عن قتالكم ، يعني إن لم يكفوا أيديهم { فَخُذُوهُمْ } يعني أسروهم { واقتلوهم حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ } يعني : حيث أدركتموهم ووجدتموهم { وَأُوْلَئِكُمْ } يعني أهل هذه الصفة { جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سلطانا } يعني : حجة { مُّبِيناً } أي حجة مبينة في القتال .